د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
ماذا تعرف عن عجائب ابن صياد مع ابن عمر رضي الله عنهما؟
موقف مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
روى مسلم عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ نَافِعٌ يَقُولُ: ابْنُ صَيَّادٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقِيتُهُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: هَلْ تَحَدَّثُونَ أَنَّهُ هُوَ؟ قَالَ: لَا، وَاللهِ قَالَ: قُلْتُ: كَذَبْتَنِي، وَاللهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُكُمْ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَكُمْ مَالًا وَوَلَدًا، فَكَذَلِكَ هُوَ زَعَمُوا الْيَوْمَ، قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا ثُمَّ فَارَقْتُهُ، قَالَ: فَلَقِيتُهُ لَقْيَةً أُخْرَى وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، قَالَ: قُلْتُ: لَا تَدْرِي وَهِيَ فِي رَأْسِكَ؟ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ خَلَقَهَا فِي عَصَاكَ هَذِهِ، قَالَ: فَنَخَرَ كَأَشَدِّ نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ[1]، قَالَ: فَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِي أَنِّي ضَرَبْتُهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعِيَ حَتَّى تَكَسَّرَتْ، وَأَمَّا أَنَا فَوَاللهِ مَا شَعَرْتُ، قَالَ: وَجَاءَ[2] حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ[3] فَحَدَّثَهَا، فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ؟ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النَّاسِ غَضَبٌ يَغْضَبُهُ»[4].
وقد عاش ابن صياد بعد ذلك في المدينة، واختفى يوم الحرة، فقد جاء في أبي داود بسند صحيح عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «فَقَدْنَا ابْنَ صَيَّادٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ»[5]. وليس صحيحًا أنه مات قبل ذلك وصلَّى عليه المسلمون، ووردت بعض الأخبار، ولكنها غير صحيحة أنه شوهد في أصبهان، وهي البلد التي سيذهب إليها الدجال ليصطحب اليهود منها عند خروجه، والله أعلم.
فريق من الصحابة كان متأكِّدًا أن ابن صياد هو الدجال:
جاء في مسلم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَحْلِفُ بِاللهِ أَنَّ ابْنَ صَائِدٍ الدَّجَّالُ، فَقُلْتُ: أَتَحْلِفُ بِاللهِ؟ قَالَ: «إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ ﷺ»[6].
وعند أبي داود وهو صحيح عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ، مَا أَشُكُّ أَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ابْنُ صَيَّادٍ»[7]، وورد عن أبي ذرٍّ كذلك أنه كان يجزم بأن ابن صياد هو الدجال، ولكن السند ضعيف.
ما يخالف كونه الدجال الأكبر:
1- وُلِد له، ويصفه الرسول ﷺ بأنه عقيم.
2- موضوع دخول مكة والمدينة، وإن كان مردودًا عليه بأن هذا المنع من الدخول سيكون في زمن فتنته لا قبل ذلك.
3- كان الدجال في قصة تميم الداري لا يعلم شيئًا عن ظهور النبي ﷺ، وقصة تميم بعد قصة ابن صياد.
4- الدجال مقيَّد، ولا يُسْمَح له بالحركة إلا عندما يأذن الله له آخر الزمان.
5- يدَّعي ابن صائد أنه رسول الله لا الألوهية: في مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ»[8].
لا يمنع هذا أنه دجال بمعنى كذاب، وأنه يتعامل مع الشياطين، وأنه يعرف مكان الدجال عن طريق شياطينه، وأنه وُجِد في المدينة لإثارة المسألة، وحثِّ الصحابة على البحث عن الدجال والاهتمام بأمره، والإبقاء على اللبس في قصته[9].
[1] عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَقِيَ ابْنُ عُمَرَ ابْنَ صَائِدٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ قَوْلًا أَغْضَبَهُ، فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلَأَ السِّكَّةَ، فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: رَحِمَكَ اللهُ مَا أَرَدْتَ مِنِ ابْنِ صَائِدٍ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا؟»
[2] ابن صياد.
[3] حفصة.
[4] مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر ابن صياد (2932).
[5] أبو داود: كتاب الملاحم، باب في خبر ابن الصائد (4332)، والشيخ الألباني: صحيح الإسناد.
[6] مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر ابن صياد (2929).
[7] أبو داود: كتاب الملاحم، باب في خبر ابن الصائد (4330)، وقال الألباني: صحيح الإسناد موقوف.
[8] مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء (157).
[9] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك