الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
جاء لفظ ثمود في القرآن 26 مرة، المرة الوحيدة التي يقرن اسمهم فيها بالصخر كانت في قوله تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ}.
جاء لفظ ثمود في القرآن 26 مرة، المرة الوحيدة التي يقرن اسمهم فيها بالصخر كانت في قوله تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9] والصخر هو الحجر الصلب الشديد، وليست كل الجبال صخرية، والموطن هنا موطن إظهار القوة لا الرفاهية، وقبلها ذكر أمر عادٍ بقوله: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} [الفجر: 7، 8]، وبعدها ذكر أمر قوم فرعون بقوله: {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ} [الفجر: 10 - 12]، ثم ذكر ربنا سبحانه وتعالى سطوته على المتجبرين الطغاة بقوله: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 13، 14].
في مواطن أخرى ذُكِرت ديار ثمود بأوصاف أخرى للدلالة على نعمة رب العالمين عليهم فلم يُذكر الصخر إنما ذكرت البيوت، وبألفاظ البناء والفنِّ: قال تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} [الأعراف: 74]، وقال تعالى:{وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ} [الحجر: 82]، وقال أيضًا:{أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} [الشعراء: 146 - 149].
استخدم في المواطن التي يمنُّ فيها عليهم بالنعمة لفظ "نحت"، وذكر الجبال بشكل عام لكنه هنا -في الموطن الذي يريد أن يلفت النظر إلى قوتهم لا إلى النعمة التي أنعمها عليهم- خصَّ الجبال الصخرية شديدة الصلابة.
وأصلًا لم يأت ذكر الصخر في القرآن إلا في موضعين آخرين غير معنيين بذكر القوة، وهما قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [الكهف: 63]، وقوله: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} [لقمان: 16].
ولم يستخدم لفظ "نحت" إنما استخدم لفظ "جابوا"، وهي المرة الوحيدة التي يستخدم فيها هذا اللفظ في القرآن الكريم، وهو دلالة على الجبروت الكبير، أتى الجيب في القميص مرة في قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [القصص: 32]، لكنه للقميص القماش وليس للجبال الصمِّ.
لأن جابوا تعني قطَّعوا بشكل معين فيه إعجاز بشري؛ إذ معناه قطَّعوا "جيبًا" في الجبل يشبه "جيب القميص" ليكون بيتًا جبليًّا كاملًا! هذا أمر فريد غير متكرر إلا في مدينة البتراء في الأردن، وغالبًا هي حضارة واحدة.
وأشارت عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ إلى أن كلمة "جابوا" فيها خصوص الدلالة على المجاوبة في القطع بمعنى أن الصخر على صلابته طاع لهم واستجاب[1]. وهذا دلالة على القوة والمنعة، ويمكن للفظ أن يحتمل الأمرين معًا.
واستبعد معنى الطواف في جابوا، حيث يقال جاب البلاد أي قطعها سيرًا، فكونهم قطعوا البلاد حتى أتوا إلى هذا المكان لا يدل على القوة، كذا استبعد معنى قطعوا الصخر ليخرجوا المياه من الجبل، لأن آبارهم الموجودة بالموقع الأثري عادية، وليست في الجبل.
وذَكَرَ اللهُ أن هذه العملية البنائية العجيبة كانت في وادٍ: هذه هي المرة الوحيدة أيضًا التي يُذكر فيها هذا الأمر، والوادي هو المنفرَج بين الجبلين، وفيه دلالة على تجبُّرهم؛ إذ من المعتاد للناس أن تبني البيوت في الأودية لا أن تستهدف الجبال الصخرية لتحفر فيها بيوتًا، لكنهم كانوا ينتقون القطع الصخرية الموجودة في الوادي فينقبوها بيتًا، أما بقية العرب في الجزيرة فكانوا يتَّخذون الخيام، أو يبنون البيوت اليسيرة.
وفي اللفظ إعجاز علمي لأن الواقف في مدائن صالح لا يرى واديًا، إنما يرى أرضًا منبسطة، وواقع الأمر أنه وادٍ واسع جدًّا، ولا يُدرك كونه واديًا إلا بالأقمار الصناعية حيث يتَّسع إلى عرض 15 كيلو متر تقريبًا، والوادي موجود على بعد 400 كم شمال المدينة، وحوالي 22 كم من مدينة العلا[2].
[1] عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ): الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق - دراسة قرآنية لغوية وبيانية، ص573.
[2] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا.
التعليقات
إرسال تعليقك