الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
المقصود بعلامات الساعة الكبرى أنها فتن عظيمة تشمل على الأغلب الناس جميعًا، وفيها تغييرات تخالف المألوف الذي اعتاد البشر عليه منذ بدء الخليقة.
ترتيب العلامات الكبرى قبل قيام الساعة هو تقسيم أكاديمي بهدف الدراسة والفهم وقد قام به بعض العلماء، والمقصود بعلامات الساعة الكبرى أنها فتن عظيمة تشمل على الأغلب الناس جميعًا، وفيها تغييرات تخالف المألوف الذي اعتاد البشر عليه منذ بدء الخليقة، أي تتغيَّر السنن، تنذر بوقوع الساعة قريبًا جدًّا ويمكن أن تكون عشرات السنين أو تتجاوز مائة بقليل.
والمقصود بعلامات الساعة الكبرى الصغرى أمور يمكن أن تحدث في أي زمن، ووجه الغرابة فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بها قبل وقوعها، مثل ظهور الخوارج، أو انحسار الفرات عن جبل من ذهب، أو أنها غير مرتبطة بوقوع الساعة بشكل قريب ومباشر، وإلا فإنها يمكن أن تكون كبيرة كانشقاق القمر.
العلامات الكبرى عشر:
روى مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: "إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ -فَذَكَرَ- الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ".
العلامات الكبرى متتابعة:
روى أحمد والحاكم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْآيَاتُ خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ فِي سِلْكٍ، فَإِنْ يُقْطَعِ السِّلْكُ يَتْبَعْ بَعْضُهَا بَعْضًا».
الترتيب فيه خلاف بين العلماء، وهي مسألة علمية لا تؤثِّر على العقيدة، فالمهم الإيمان بها إجمالًا، وتفويض الترتيب لله تعالى، ونحن نحلِّل الترتيب لنستفيد بالمعلومات التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولزيادة اليقين، وإلا فنحن نؤمن بهذه العلامات كلها، ولن ينبني عملٌ معين على اختلاف الترتيب.
أعتقد أن الأولى هي الدخان؛ لأسباب:
1- لأن قبل الدجال سيكون قحط لمدة ثلاث سنوات، تزداد في السنة الأخيرة، وهذا القحط يشبه الحالة التي مرَّت بقريش في مكة قبل إسلامها، وصاحَبَها دخان.
2- أن الدخان إنذار للناس قبل غلق أبواب التوبة: الطبراني بإسناد جيد عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ".. ورَبُّكُمْ أَنْذَرَكُمْ ثَلَاثًا: الدُّخَانَ، .. وَالثَّانِيَةُ الدَّابَّةُ، وَالثَّالِثَةُ الدَّجَّالُ". لعله الإنذار الأخير قبل الدجال، فهو يعتبر رحمة من الله لأنه يُنَبِّه الناس إلى قرب ظهور الدجال، فيتقوَّى أصحاب الهمم على ملاقاته.
3- ليس الدخان هو الريح الطيبة كما قال بعض العلماء؛ فهو عذاب، وهو يصيب الكفار كما في الحديث وليس هذا للريح الطيبة.
الثانية: الدجال:
روى أبو داود عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ»
عمران بيت المقدس، وخراب يثرب، وخروج الملحمة، وفتح القسطنطينية، كلها أمور ليس فيها خرق للسنن الكونية، فهي من العلامات الصغرى، ويصاحبها -كما ذكرتُ- الدخان في آخرها، ثم يظهر الدجال بعد فتح القسطنطينية، فهو العلامة التالية مباشرة.
ثالثًا: نزول عيسى عليه السلام (مرتبط بالدجال)
رابعًا: يأجوج ومأجوج، وهو مرتبط بفترة عيسى عليه السلام
خامسًا وسادسًا: الدابة، وطلوع الشمس من المغرب:
بعد موت عيسى عليه السلام يفسد الناس، ويدرس الإسلام، ويبقى كثرة من شرار الناس وقلة من خيارهم، عندها تخرج الدابة، فتسم الكافر من المؤمن، ليرتدع الكفار عن كفرهم، والفسَّاق عن فسقهم، وبعدها مباشرة تخرج الشمس من المغرب ليُغْلَق بذلك باب التوبة، فلا يؤمن كافر، ولا يقبل من مؤمن توبة عن معصية.
ويمكن أن يكون طلوع الشمس من المغرب أولًا ثم الدابة، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحسم هذه المسألة؛ ففي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا، طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا، فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا».
والمقصود بأول الآيات خروجًا هنا هو أول الآيات الكونية المنذرة بفناء الدنيا، خلافًا للقسم الأول من الآيات التي تحدث على الأرض، وهي الآيات الأربع الأولى في هذا الترتيب.
ولا يمكن القول بأن طلوع الشمس من المغرب يكون قبل الدجال وعيسى عليه السلام؛ لأن فرصة الإيمان في زمانهما ما زالت موجودة، وهذا لا يحدث بعد طلوع الشمس من المغرب.
سابعًا وثامنًا وتاسعًا: ثلاثة خسوف، وهذه لا يمكن الجزم بموضعها لعدم ورود دليل، بل قد تكون قبل كلِّ العلامات، أو تكون في النهاية، ولكنها في العموم قبل العاشرة المجزوم بكونها الأخيرة.
عاشرًا: النار التي تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى أرض المحشر:
وهذه صرَّح الرسول صلى الله عليه وسلم بكونها الأخيرة في حديث حذيفة بن أسيد؛ قال: وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ.
ومن الجدير بالذكر أن هناك ريحًا طيبة ستأخذ أرواح المؤمنين قبل هذه النار، وغالبًا ما ستكون هذه الريح بعد طلوع الشمس من المغرب، وقال البعض إنها قبل ذلك.
وفي العموم مسألة الترتيب هذه مسألة خلافية، وهي استنباطات مبنية على فهمنا لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، والاختلاف في فهم ترتيبها لا يؤثِّر في شيء، فالمهم الإيمان بها إجمالًا، ونفوِّض ترتيبها الحاسم إلى الله تعالى[1].
[1] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك