حضارات العالم
حضارات العالم
حضارات العالم تشمل الحضارات القديمة التي كانت موجودة في العالم القديم (إفريقيا -آسيا-و أوروبا) قبل اكتشاف قارة أمريكا أي الحضارات التي تأسست منذ 3000 سنة قبل الميلاد كالحضارة الفرعونية والإغريقة والكنعانية وحضارة الفرس والروم، والحضارات الحديثة كالحضارة الغربية المسيحية والحضارة الأمريكية اللاتينية، والحضارة اليابانية والصينية والهندية والحضارة الأفريقية. وقد شهدت هذه الحضارات توسعًا تاريخيًا كبيرًا وتطورًا حضاريًا عظيمًا في مجال العلوم والفنون وتطور المجتمعات، وتتناول هذه البوابة دراسة هذا الحضارات، وإبراز أهم معالمها وشخصياتها، والمحطات التاريخية فيها، وعوامل النهوض، وتداعيات السقوط، كيف شيدت، ولماذا اندثرت.
ملخص المقال
يتخيل البعض أن حرب روسيا وأوكرانيا قد تقود إلى حرب عالمية ثالثة واستخدام مكثَّف للسلاح النووي، وبالتالي تدمير الحضارة، ونهاية العالم.
يتخيل البعض أن هذه الحرب قد تقود إلى حرب عالمية ثالثة واستخدام مكثَّف للسلاح النووي، وبالتالي تدمير الحضارة، ونهاية العالم.
هذان ملفَّان منفصلان:
أما حرب روسيا أوكرانيا فهي نقطة بسيطة في صراعات العالم التي مرَّت على الأرض: أين هي من الحربين العالميتين الأولى والثانية؟!، أو حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا، أو حرب السنوات السبع في أوروبا، أو حروب الدولة العثمانية مع روسيا، أو الصين مع اليابان.
نهاية العالم لا تكون بهذا اللعب الطفولي، بل بأمر رباني لن يجعل للبشر فيه دخلًا، لئلا يقال فلان كان سببًا في فناء الأرض، بل يُفْنِيها الذي أنشأها سبحانه، ويحدث هذا بأمر كوني لا دخل للبشر فيه، ولا يستطيعونه، ولا قدرة لهم على منعه، بل لا يتوقَّعونه أصلًا.
و هذا يجرُّنا للحديث عن آية في سورة يونس:{حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]، البشر الآن يعتقدون أنهم قادرون على الأرض، وقادرون على إفنائها لو أرادوا.
القرون الثلاثة أو الأربعة الأخيرة شهدت تطوُّرًا مذهلًا: لم يكن هناك فرق للمعيشة عام 500 قبل الميلاد عن سنة 1 ميلادية عن سنة 1000 ميلادية، لكن بداية من القرن ال17تقريبًا تطوَّرت الدنيا بشكل عجيب، ومعدل التطور في زيادة، والعالم من 30 سنة ليس كالعالم الآن. لهذا المعدَّل السريع للتطور نعتقد أن اللحظة التي ستنتهي فيها الحضارة قريبة.
والسؤال: أليس من الممكن أن تقوم الساعة على الدنيا وهي متحضِّرة؟
هذا غير صحيح، فالآثار الواردة عن السنوات الأخيرة في عمر الأرض كلها يشير إلى أن الحضارة ستنتهي تمامًا قبل الأحداث النهائية الكبرى، ففي الملحمة الكبرى والفتح الثاني للقسطنطينية تكون الحرب بالخيول والسيوف
الذين يستطلعون أمر الدجال عشرة فوارس يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم.
الدجال يركب الحمار، وأتباعه من اليهود يحملون السيوف.
المسيح بن مريم يقتل الدجال بالسيف.
يأجوج ومأجوج يحاربون بالنشاب.
نعود للآية: {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} [يونس: 24]، كأن لم تغنَ: قال قتادة كأن لم تنعم. وحديثه هنا لا يتكلَّم عن فناء الدنيا، ولا عن يوم القيامة، إنما يتكلَّم عن فناء النعيم الذي صنعه الإنسان ودفعه للظن أنه قادر على الأرض. والذي يأتيها هو أمر كوني لا دخل للإنسان فيه، ولا يملك أن ينسبه إلى نفسه، حتى لا يتفلسف أحد ويقول الله هو الذي دفع فلانًا إلى الحرب المهلكة التي أفنت الحضارة، لا يسمح الله بهذا، بل سيجعل الأمر موكولًا إليه وحده: لهذا قال: (أَمْرُنَا) وهذا الأمر لحظي لا يأخذ وقتًا (لَيْلًا أَوْ نَهَارًا). وليس هذا من طبيعة الحروب وتعدِّيات البشر، إنما هو خاصٌّ بالأمور الكونية الربانية، كالزلازل، والبراكين، والصواعق، والطوفان، وكلها أمور لا يستطيعها الإنسان، ولا يدَّعيها، ولا يملك القدرة على مقاومتها، ولا حتى الهروب منها.
الزلازل تحديدًا قد تكون الطريقة التي يُفْنِي الله بها الحضارة إفناء لا قيام بعده: قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1]، والمفسِّرون مختلفون: هل هذه الزلزلة قبل يوم القيامة أي في الدنيا، أم أثناء يوم القيامة، والأحاديث في صفِّ الرأي الثاني بشكل أكبر، لكن لا يمنع أن تكون كذلك قبل يوم القيامة، بل جاءت الأحاديث بذلك:
روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ - وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ»[1]، وروى أبي داود عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ قال: ".. ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، أَوْ قَالَ: عَلَى هَامَتِي، ثُمَّ قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ حَوَالَةَ، إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ أَرْضَ الْمُقَدَّسَةِ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَابِلُ[2] وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنَ النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ»[3]. يرمي والله أعلم إلى عمران بيت المقدس قبل الملحمة الكبرى، وليس لخلافة بني أمية. وعن أحمد عن سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ، قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ".. وَسَتَأْتُونَ أَفْنَادًا[4] يُفْنِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَبَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مُوتَانٌ شَدِيدٌ، وَبَعْدَهُ سَنَوَاتُ الزَّلَازِلِ"[5].
ولا يبعد أن يخرج يأجوج ومأجوج بزلزال: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [الكهف: 98]. وتسونامي لم يكن إلا زلزالًا تحت الماء عام 2004 بقوة 9.1 ريختر عند جزيرة سومطرة، حيث ارتفعت أمواجه إلى 35 متر، ووصلت إلى الصومال، ومات فيه 230 ألف إنسان، وليس بأشدِّ زلازل الدنيا، أيضًا زلزال الصين عام 1556م حيث قتل أكثر من 830 ألف، وكذلك زلزال تشيلي عام 1960م كان بقوة 9.5 ريختر وهو أقوى زلزال في الدنيا.
هذا الأمر الإلهي سيُفني الحضارة في لحظة قد تكون اليوم أو غدًا، وبعدها تفنى الحضارة، وقد تكون هناك علامات صغرى قليلة متبقية، ثم تحدث العلامات الكبرى بعدها، وهذه كلها سنوات معدودات، ولكنها لا تبدأ إلا بعد انهيار الحضارة.
غالب الأمر ستفنى تمامًا المناطق البعيدة عن الشرق الأوسط فلا تبقى فيها حياة؛ لأن أحداث النهاية كلها تدور في الشام، والجزيرة العربية، ومصر، والعراق، وإلى حدٍّ ما إيران.
الخلاصة: انشغل بالعمل، فكلٌّ ميسَّر لما خُلِق له، واستعد إيمانيًّا للفتن القادمة، فالنجاة منها لا تكون بكثرة المعارف، ولا عبقرية الأذهان؛ إنما تكون بصدق العقيدة، وقوة الإيمان[6].
[1] البخاري: كتاب الاستسقاء، باب قول الله تعالى {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال بن عباس شكركم (989).
[2] الزلازل والبلابل: الأحزان والهموم.
[3] أبو داود: كتاب الجهاد، باب في الرجل يغزو يلتمس الأجر والغنيمة (2535)، وقال أبو داود عبد الله بن حوالة حمصي، قال الشيخ الألباني: صحيح، انظر: الألباني: (7833).
[4] أَفْنَادًا: جماعات متفرقة.
[5] أحمد (17005)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح رجاله ثقات على غرابة في متنه.
[6] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك