التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
قصة الكعبة من أروع القصص التي ينبغي للمسلم أن يهتمَّ بها، فهي بيت الله الأعظم وهي المكان الوحيد على الأرض الذي يحوي قطعة من الجنَّة.
قصة الكعبة من أروع القصص التي ينبغي للمسلم أن يهتمَّ بها، فهي بيت الله الأعظم وهي المكان الوحيد على الأرض الذي يحوي قطعة من الجنَّة (الحجر الأسود)، روى الترمذي في حديث صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزل الحجرُ الأسودُ من الجنة وهو أشدُّ بياضًا من اللبن، فسوَّدتْه خطايا بني آدمَ»[1].
الروضة الشريفة تكون لاحقًا من الجنَّة:
روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ»[2]، ولكن هذا يُحمل على قولين كما قال النووي: أحدهما أن ذلك الموضع بعينه يُنْقَل إلى الجنة، والثاني أن العبادة فيه تؤدي إلى الجنة.
ماذا يعني اسم الكعبة؟: قَالُوا: إِنَّهُ عَلَمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْكَعْبِ، وَهُوَ النُّتُوءُ وَالْبُرُوزُ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ سَمَّوْا كُلَّ بَارِزٍ كَعْبَةً، تَشْبِيهًا بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ، إِذْ كَانَ أَوَّلَ بَيْتٍ عِنْدَهُمْ، وَكَانُوا مِنْ قَبْلِهِ أَهْلَ خِيَامٍ، فَصَارَ الْبَيْتُ مَثَلًا يُمَثَّلُ بِهِ كُلُّ بَارِزٍ[3].
الكعبة من بيوت الله في الأرض، وبيوت الله في الأرض المساجد
بشكل عام: روى مسلم عَنْ أَبِي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا»[4].
وروى الطبراني بإسناد صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، تُضِئُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تُضِئُ نُجُومُ السَّمَاءِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ»[5].
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مَنْ بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالْأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً»[6].
وروى مسلم أيضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «.. مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ..»[7].
وعند الطبراني بإسناد صحيح عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، فَهُوَ زَائِرُ اللهِ، وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ الزَّائِرَ»[8].
الكعبة بيت الله:
إذا قلنا بيت الله دون تحديد فالمقصود الكعبة: روى البخاري عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي (أم حبان بنت عامر) أَنْ تَمْشِيَ، إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِتَمْشِ، وَلْتَرْكَبْ» لتفي بنذرها ولتمشِ، ولكن تركب عند التعب، وعليها دم تقديم بدنة، أو صيام ثلاثة أيام على اختلاف الروايات[9].
وفي رواية صحيحة عند الترمذي عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَذَرَتْ امْرَأَةٌ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَسُئِلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ مَشْيِهَا، مُرُوهَا فَلْتَرْكَبْ» وقال الترمذي: وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ، وَقَالُوا: إِذَا نَذَرَتْ امْرَأَةٌ أَنْ تَمْشِيَ فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ شَاةً[10].
وأي شيء يُضَاف إلى الله فهو من أجل التعظيم: عبد الله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19]، ناقة الله: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} [الأعراف: 73].
- هو بحيال البيت المعمور
عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ؟ قَالَ: «بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ[11]، وَهُوَ بِحِيَالِ الْكَعْبَةِ مِنْ فَوْقِهَا، حُرْمَتُهُ فِي السَّمَاءِ كَحُرْمَةِ الْبَيْتِ فِي الْأَرْضِ، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَلَا يَعُودُونَ فِيهِ أَبَدًا»[12].
[1] الترمذي (877)، وقال: قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن صحيح، وقال الشيخ الألباني: صحيح. وانظر: شرح السنة للبغوي (7/ 115). وانظر: صحيح ابن خزيمة (2733). إلا أنه اختلف في قوله: "أشد بياضًا من الثلج". وقال الأعظمي: إسناده حسن.
[2] البخاري: كتاب التطوع، باب فضل ما بين القبر والمنبر، (1137)، ومسلم: كتاب الحج، باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة (1390).
[3] ابن عاشور: التحرير والتنوير، الناشر: الدار التونسية للنشر، تونس، 1984هـ، 7/ 55.
[4] مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح وفضل المساجد (671).
[5] الطبراني في المعجم الكبير (10608).
[6] مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات (666).
[7] مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر (2699).
[8] الطبراني في المعجم الكبير (6139).
[9] البخاري: أبواب الإحصار وجزاء الصيد، باب من نذر المشي إلى الكعبة (1767).
[10] الترمذي: كتاب النذور والأيمان عن صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء فيمن يحلف بالمشي ولا يستطيع (1536).
[11] الضراح أي المطل على الشيء، فالبيت المعمور مطلٌّ على الكعبة.
[12] الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 21/ 563، قال الألباني: ورجاله ثقات غير خالد بن عرعرة وهو مستور. وجملة القول: أن هذه الزيادة "حيال الكعبة" ثابتة بمجموع طرقها، وأصل الحديث أصح. والله أعلم. انظر: الألباني: السلسلة الصحيحة، 1/860. لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا: الكعبة بيت الله
التعليقات
إرسال تعليقك