ملخص المقال
أبو يحيى خلاد بن رافع بن مالك الزرقي الأنصاري، أبوه أول الأنصار إسلامًا وشهد خلاد غزوة بدر وأُحد، ومن ولده يحيى بن خلاد من تابعي المدينة. - Copy.jpg)
أبو يحيى خلاد بن رافع بن مالك الزرقي الخزرجي الأنصاري، أبوه أول الأنصار إسلامًا، وشهد خلاد بدرًا ويوم أحد، ومن ولده يحيى بن خلاد من تابعي المدينة، وكان له عقب كثير فانقرضوا.
خلاد بن رافع اسمه ونسبه
هو: أبو يحيى خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زُرَيْقٍ بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غَضْبِ بن جُشَمَ بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، الزرقي الخزرجي الأنصاري البدري[1].
أسرة خلاد بن رافع
أبوه رافع بن مالك بن العجلان العقبي الزرقي الأنصاري، من الْكَمَلَةِ، وكان الكامل في الجاهلية الذي يكتُب ويحسن العوم والرمي، وكان رافع كذلك، وهو أول الأنصار إسلامًا في رواية، ومن الستة أو من الثمانية الذين هم أول الأنصار إسلامًا وليس قبلهم أحد في رواية أخرى، وشهد بيعة العقبة الأولى والثانية، واستشهد يوم أُحد رضي الله عنه[2]، وأمه الصحابية أم مالك بنت أُبَيِّ بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم الحبلى الأنصارية، أخت عبد الله بن أبي بن سلول[3]، وأخوه الصحابي رفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري، شهد بدرًا وأُحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه[4].
تزوج خلاد بن رافع الأنصاري من الصحابية أم رافع بنت عثمان بن خَلْدَةَ بن مُخَلَّدِ بن عامر بن زريق الزرقية الأنصارية، أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم[5].
وله من الولد من أم رافع: الصحابي يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك الزرقي الأنصاري، رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم هو من سمَّاه، ويذكره بعضهم في تابعي المدينة، ويَروِي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال ابن سعد رحمه الله: وكان له عقب كثير فانقرضوا، فلم يبقَ منهم أحد[6].
إسلام خلاد بن رافع وجهاده
أسلم خلاد بن رافع بن مالك رضي الله عنه، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بدر[7]، روى البزار في مسنده ونقله ابن منده وكذلك أبو نعيم الأصبهاني عن رفاعة بن يحيى الأنصاري، عن معاذ بن رفاعة، عن أبيه رفاعة بن رافع رض الله عنه قال: خرجت أنا وأخي خلاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر على بعير أَعْجَف، حتى إذا كنا بموضع البريد الذي خلف الرَّوْحَاءِ بَرَكَ بنا بعيرنا، فقلت: اللهم لك علينا لئن أتينا المدينة لننحرن البعير. فبينا نحن كذلك مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «مَا لَكُمَا»؟ فأخبرناه أنه برك علينا، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ، ثم بَزَقَ في وضوئه، ثم أمرنا ففتحنا له فم البعير، فَصَبَّ في جوف الْبَكْرِ من وضوئه، ثم صب على رأس الْبَكْرِ، ثم على عنقه، ثم على حَارِكِهِ[ما يلي العنق]، ثم على سنامه، ثم على عجزه، ثم على ذَنَبِهِ، ثم قال: «اللهُمَّ احْمِلْ رَافِعًا وَخَلَّادًا»، فمضى رسول الله وقمنا نرتحل فارتحلنا، فأدركنا النبي عليه السلام على رأس الْمَنْصَفِ [وفي رواية الواقدي: ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلحقناه أسفل المنصرف - موضع بين مكة وبدر]، وَبَكَّرْنَا أول الركب، فلما رآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك، فمضينا حتى أتينا بدرًا، حتى إذا كنا قريبًا من وادي بدر، بَرَكَ علينا، فقلنا: الحمد لله، فنحرناه وتصدقنا بلحمه[8]. وكذلك رواه الواقدي بسنده عن عبيد بن يحيى، عن معاذ بن رفاعة، عن أبيه قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر، وكان كل ثلاثة يتعاقبون بعيرًا، فكنت أنا وأخي خلاد بن رافع على بَكْرٍ لنا، ومعنا عبيد بن زيد بن عامر (بن العجلان الزرقي)، فكنا نتعاقب. فسرنا حتى إذا كنا بالروحاء .. . وفي آخره: حتى إذا كنا بالمصلى راجعين من بدر بَرَكَ علينا، فنحره أخي، فقسَّم لحمه، وتصدَّق به[9].
وقد ذكره هشام بن السائب الكلبي فقال: قُتل خلاد يوم بدر[10]، وهو غير صحيح، ولم يقل هذا غيره كما قال ابن الأثير[11]. فقد شهد خلاد بن رافع رضي الله عنه يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم[12].
أحاديث خلاد بن رافع ومواقفه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن منده: روى عنه أخوه [أي رفاعة بن رافع رضي الله عنه]، وقال ابن عبد البر: يقولون إنه له رواية. وهذا يدل على أنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم[13].
قال ابن حجر العسقلاني: وقيل إنه المسيء صلاته، فقد روى أبو موسى من طريق سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن يحيى بن عبد اللَّه بن خلاد، عن أبيه، عن جدّه أنه دخل المسجد فصلّى، ثم إنه أتى النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم فقال: «اذْهَبْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ».
ورواه سعيد بن منصور، وعبد الله بن محمد الزهري، عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن علي بن يحيى بن عبد اللَّه بن خلاد، عن أبيه، عن جده به. قلت: ذكر عبد الله في نسب علي بن يحيى زيادة لا حاجة إليها، وقول ابن عيينة: عن جده وهم، فقد رواه إسحاق بن أبي طلحة ومحمد بن إسحاق وغيرهما عن علي بن يحيى، عن أبيه عن عمه -هو رفاعة، والحديث حديثه وهو مشهور به.
وكذا رواه إسماعيل بن جعفر، عن يحيى بن علي بن يحيى المذكور، عن أبيه، عن جدّه، عن رفاعة، فهذه الطرق هي وغيرها في السنن. وقد رواه أحمد، وابن أبي شيبة، من طريق محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى، فقال رفاعة: "إن خلادًا دخل المسجد .." الحديث. وكذا أخرجه الطحاويّ من طريق شريك بن أبي نمر عن علي بن يحيى، وهو الصواب. فخرج من هذا أن خلادًا هو المسيء صلاته، وأن رفاعة أخاه هو الذي روى الحديث، فإن كان خلاد استشهد ببدر فالقصة كانت قبل بدر، فنقلها رفاعة. واللَّه أعلم[14].
ونص عليه الحافظ ابن بشكوال الأنصاري في "غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحاديث المسندة" أن المسيء صلاته هو خلاد بن رافع رضي الله عنه[15].
____________________
[1] ابن السائب الكلبي: نسب معد واليمن الكبير، تحقيق: الدكتور ناجي حسن، الناشر: عالم الكتب، مكتبة النهضة العربية، 1408هـ / 1988م، ج1/ ص422 - 424. ابن هشام: السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة: الثانية، 1375هـ / 1955م، ج1/ ص700. ابن سعد: الطبقات الكبرى، تحقيق: إحسان عباس، الناشر: دار صادر - بيروت، 1968م، ج3/ ص591، 597. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب، تحقيق: لجنة من العلماء، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، 1403هـ / 1983م، ص332، 358.
[2] ابن هشام: السيرة النبوية، ج1/ ص428 – 429. ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج3/ ص621 – 622.
[3] ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج3/ ص597، 621، ج8/ ص382.
[4] ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج3/ ص596 - 597.
[5] ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج3/ ص597، ج8/ ص389. خليفة بن خياط: طبقات خليفة بن خياط، تحقيق: سهيل زكار، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1414هـ / 1993م، ص170.
[6] ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج3/ ص597، ج5/ ص72. خليفة بن خياط: طبقات خليفة بن خياط، ص170. ابن الأثير: أسد الغابة، الناشر: دار الفكر – بيروت، 1409هـ / 1989م، ج4/ ص695.
[7] الواقدي: المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، الناشر: دار الأعلمي – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1409هـ /1989م، ج1/ ص171. ابن هشام: السيرة النبوية، ج1/ ص428 - 429. ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج3/ ص597. ابن منده: معرفة الصحابة، حققه وقدم له وعلق عليه: الأستاذ الدكتور/ عامر حسن صبري، الناشر: مطبوعات جامعة الإمارات العربية المتحدة، 1426هـ / 2005م، ص502. ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، الناشر: دار الجيل – بيروت، 1412هـ / 1992م، ج2/ ص451. ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، 1415هـ، ج2/ ص284.
[8] البزار: مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، المحقق: محفوظ الرحمن زين الله وعادل بن سعد وصبري عبد الخالق الشافعي، الناشر: مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، 1988م، 2009م، رقم (3728)، ج9/ ص181. ابن منده: معرفة الصحابة، ص502 – 503. أبو نعيم الأصبهاني: معرفة الصحابة، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، الناشر: دار الوطن للنشر - الرياض، 1419هـ / 1998م، ج2/ ص964 – 965. ابن الأثير: أسد الغابة، ج1/ ص618. الروحاء: موضع على نحو أربعين ميلا من المدينة على طريق مكة. الحارك: أعلى الكاهل. المنصف: واد باليمامة.
[9] الواقدي: المغازي، ج1/ ص25. المصلى: موضع الصلاة، وهو هنا موضع بعينه فى عقيق المدينة.
[10] ابن السائب الكلبي: نسب معد واليمن الكبير، ص424.
[11] ابن الأثير: أسد الغابة، ج1/ ص618.
[12] ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج3/ ص597.
[13] ابن منده: معرفة الصحابة، ص502. أبو نعيم: معرفة الصحابة، ج2/ ص946. ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج2/ ص451. ابن الأثير: أسد الغابة، ج1/ ص618.
[14] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج2/ ص284. وانظر نص الحديث في: الإمام أحمد بن حنبل: مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، 1421هـ / 2001م، حديث رفاعة بن رافع الزرقي، (رقم 18995)، ج31/ ص328 – 329، قال المحقق: حديث صحيح.
[15] ابن بشكوال: غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحاديث المسندة، تحقيق: د. عز الدين علي السيد , محمد كمال الدين عز الدين، الناشر: عالم الكتب – بيروت، 1407هـ، ج2/ ص582 - 584.
التعليقات
إرسال تعليقك