الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
إنَّ وفاة أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم هي أشدُّ المواقف حزنًا في حياته. يبيُّن ذلك الدكتور راغب السرجاني ويُوضِّح أدلته على ذلك من خلال عرضه
أهم مقتطفات المقال
كانت هذه هي مشاعره صلى الله عليه وسلم مع قومٍ كذَّبوه وظاهروا عليه، فكيف بمشاعره مع أحد أقرب الناس إليه، ومع رجلٍ ضحَّى كثيرًا من أجله، ولم تكن علاقته به علاقة رجلٍ بعمِّه، إنَّما كانت علاقة ابن بارٍّ بوالدٍ رحيم؛ فأبو طالب هو الذي كفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة الجدِّ عبد المطلب، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبلغ عندها ثماني سنوات فقط؛ فهذه العلاقة الحميميَّة بينهما دامت دهرًا طويلًا زاد على أربعين سنة!
كانت أزمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المرحلة كبيرةً للغاية؛ فهو لم يخرج من حصار الشِّعْب إلَّا منذ ستَّة أو سبعة أشهر، وهذه الشهور الفائتة قضاها في حواراتٍ طويلةٍ لم تُؤَدِّ إلى أيِّ تقدُّمٍ في العلاقات مع قادة مكة، والموقف السياسي والاجتماعي متأزِّمٌ للغاية، ثُمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حزينًا بسبب مرض أبي طالب وتدهور صحَّته، وهو له بمنزلة الوالد الشفوق، وكان يتألَّم لألمه، ويحزن لحزنه، وكان يُدرك مدى القلق الذي في قلب عمِّه عليه؛ لكنَّه لا يملك شيئًا يُطمئنه به. كلُّ هذا وَضَع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في حالةٍ كبيرةٍ من الحزن والأسى؛ غير أنَّ أشدَّ ما كان يُحْزِن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أنَّ عمَّه أبا طالب إلى هذه اللحظة لم يأخذ أيَّ خطوةٍ إيجابيَّةٍ في طريق الإسلام، وكان طَوَال حياته مصرًّا على البقاء على دين الآباء، وهو الوثنيَّة، على الرغم من الدعوة المتكرِّرة للإسلام، التي يُقَدِّمها له سيد الدعاة، وخير المرسلين، ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم!
هذا ما كان يُدْمي قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم!
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألَّم لبقاء المشركين على شركهم مع أنَّهم يُؤذونه ويسخرون منه، ويتعدَّوْن عليه؛ حتى قال له الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ [الحجر: 88]. وكرَّر له هذا الأمر في آياتٍ متعدِّدة[1]، وكان الأمر من الله ألَّا يحزن «عليهم»، وليس «منهم»؛ فإنَّ الشغل الشاغل لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان المصير المظلم الذي يسير إليه المشركون، ولم يكن مشغولًا بالأذى الذي يقع عليه أو على أصحابه، فاستنقاذ واحدٍ من المشركين من النار كان أغلى عنده من الدنيا وما فيها، وما أروع كلماته وهو يُصَوِّر موقفه مع قومه هذا التصوير الرفيق الرقيق:
عن أبي موسى، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ: يَا قَوْمِ، إِنِّي رَأَيْتُ الجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ[2]، فَالنَّجَاءَ، فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَدْلَجُوا، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الحَقِّ»[3].
كانت هذه هي مشاعره صلى الله عليه وسلم مع قومٍ كذَّبوه وظاهروا عليه، فكيف بمشاعره مع أحد أقرب الناس إليه، ومع رجلٍ ضحَّى كثيرًا من أجله، ولم تكن علاقته به علاقة رجلٍ بعمِّه، إنَّما كانت علاقة ابن بارٍّ بوالدٍ رحيم؛ فأبو طالب هو الذي كفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة الجدِّ عبد المطلب، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبلغ عندها ثماني سنوات فقط؛ فهذه العلاقة الحميميَّة بينهما دامت دهرًا طويلًا زاد على أربعين سنة!
وبعد كلِّ هذا الحبِّ والقرب لم تدخل كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم المقنعة والصادقة إلى قلب أبي طالب، أو دخلت؛ ولكنَّه ما زال متردِّدًا هذا التردُّد العجيب بين نداء العقل والحكمة؛ الذي يُكَرِّره على مسامعه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وبين نداء التقاليد الذي يدفعه إليه الشيطان، ويطمس به عينه عن رؤية الحقيقة الجليَّة.
ثُمَّ جاءت لحظة الموت بما فيها!
عَلِمَ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسرع مُتلهِّفًا إلى دار عمِّه الحبيب، وكلُّه أملٌ أن يستجيب عمُّه لدعوته في لحظاته الأخيرة في الدنيا، فيكون سببًا لتحويل مساره من النار إلى الجنَّة!
ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي عَلِم باقتراب لحظة موت أبي طالب، إنَّما علم بذلك -أيضًا- شيطان مكة أبو جهل!
وعند رأس أبي طالب كان اللقاء جامعًا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدوِّ الإسلام الأكبر أبي جهل!
عن سعيد بن المسيب عَنْ أَبِيهِ[4] قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ: «أَيْ عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ». فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: 113][5]، وَأَنْزَلَ اللهُ فِي أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: 56][6].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمِّهِ: «قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، قَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ. يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَزَعُ. لأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ. فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: 56][7].
هكذا كانت النهاية المأسويَّة حقًّا للقصَّة!
أحسب أنَّ هذا هو أشدُّ المواقف حزنًا في حياته صلى الله عليه وسلم! وقد يتعجَّب بعض القرَّاء من هذا الجزم؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم فَقَد في حياته الكثير من الأحباب؛ لقد فَقَد بعض زوجاته كخديجة رضي الله عنها -كما سنعرف قريبًا- وزينب بنت خزيمة رضي الله عنها، وفَقَد في حياته كلَّ أبنائه إلَّا فاطمة رضي الله عنها، وفَقَد من الأصحاب الكثير كحمزة بن عبد المطلب، وأبي سلمة بن عبد الأسد، وعثمان بن مظعون، وسعد بن معاذ، وزيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وغيرهم من كرام الصحابة رضي الله عنهم جميعًا، ومع كلِّ ذلك فمصيبة موت أبي طالب كانت أكبر من كلِّ هذه المصائب! ذلك أنَّه مات على الكفر وهم قد ماتوا على الإيمان، وسوف يلقى الرسولُ صلى الله عليه وسلم أصحابَه وأحبابَه المؤمنين بعد موتهم على حوضه وفي الجنَّة، أمَّا أبو طالب ففراقه بلا لقاء! ولا شكَّ أنَّ تخيُّل منظره ورأسه تغلي من النار لأمر مُحزِن حقًّا لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد جاء الموقف على هذه الصورة المؤسفة ليُثْبِت لنا الله عزَّ وجل أنَّ الأمور كلَّها بيده، وأنَّه يعرف ما لا نعرف، ويطَّلع على ما لا نطَّلع عليه، ويعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، فيُدرك -سبحانه- مَن المستحِقُّ للهداية فيهديه، ومَن الذي نأى بقلبه عنها فيرديه، وليست العبرة أبدًا بظواهر الأشياء؛ إنما العبرة بالبواطن، وهذه لا يراها الناس أبدًا؛ ومن ثَمَّ فحُكْمُهم دومًا قاصر، وحُكْمُه -سبحانه- تامٌّ كامل؛ لذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم -كما روى أبو هريرة رضي الله عنه-: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ». وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ[8]. وفي رواية: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»[9]. لهذا كله أنزل الله عز وجل تعقيبًا على موقف وفاة أبي طالب قوله سبحانه: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القصص: 56].
كانت وفاة أبي طالب إحدى الصدمات الكبرى التي تلقَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا العام العاشر من البعثة، ولم تكن -في الحقيقة- الصدمة الأولى في هذا العام ولا الأخيرة! فقد بدأ العام كما شرحنا بخروج مرهق جدًّا من حصار الشِّعْب، ثم عانى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الضغط القرشي عليه وعلى عمِّه قبل موته، ثم كانت مصيبة موت أبي طالب كافرًا كما صوَّرنا، ثم توالت بعد ذلك المصائب تلو المصائب!
إنَّ قريشًا لم تتزيَّن قطُّ بالرفق أو المواساة بعد مصيبة موت كبير بني هاشم؛ بل إنَّها أظهرت الشماتة والسرور لهذه المصيبة، واجتمع رءوس الكفر والضلال سعداء؛ فقد جاءت فرصتهم لإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صار الآن -في رؤيتهم- دون حماية؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا زَالَتْ قُرَيْشٌ كَاعَّةً[10] حَتَّى تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ»[11]. وسنأتي إلى بعض المشاهد المؤلمة من هؤلاء المكذبين، التي زادت من أحزان النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم حدثت مصيبة أخرى عظيمة في هذه الفترة الزمنية العصيبة نفسها، وكانت من الصدمات التي لم ينسها رسول الله صلى الله عليه وسلم طَوَال حياته، ألا وهي مصيبة موت زوجته الوفيَّة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. فكان بحق هو عام الحزن!
[1] انظر: حرص الرسول على هداية الكفار.
[2] أنا النذير العريان: قال النووي: قال العلماء: أصله أنَّ الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بما يُوجب المخافة نزع ثوبه وأشار به إليهم إذا كان بعيدًا منهم ليُخبرهم بما دهمهم، وأكثر ما يفعل هذا ربيئة القوم وهو طليعتهم ورقيبهم. قالوا: وإنَّما يفعل ذلك لأنَّه أبين للناظر وأغرب وأشنع منظرًا؛ فهو أبلغ في استحثاثهم في التأهُّب للعدو، وقيل: معناه أنا النذير الذي أدركني جيش العدو فأخذ ثيابي فأنا أنذركم عريانًا. النووي: المنهاج 15/48.
[3] البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم (6854)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرُّهم (2283).
[4] أبو سعيد: هو المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو القرشي المخزومي رضي الله عنه، له ولأبيه صحبة، هاجر إلى المدينة مع أبيه حزن؛ كان ممَّن بايع تحت الشجرة، وشهد اليرموك بالشام. انظر: ابن الأثير: أسد الغابة 5/172.
[5] سورة التوبة مدنية كما روى ابن عباس وعبد الله بن الزبير وقتادة وخلق كثير، وحكى بعضهم الاتفاق عليه، واستثنى آخرون: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾ الآية، انظر: السيوطي: الإتقان في علوم القرآن 1/58، والألوسي: روح المعاني 5/235، وابن عاشور: التحرير والتنوير 10/97، وقال ابن حجر: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْآيَةِ تَأَخَّرَ وَإِنْ كَانَ سَبَبُهَا تَقَدَّمَ، وَيَكُونُ لِنُزُولِهَا سَبَبَانِ؛ مُتَقَدِّمٌ وَهُوَ أَمْرُ أَبِي طَالِبٍ، وَمُتَأَخِّرٌ وَهُوَ أَمْرُ آمِنَةَ، وَيُؤَيِّدُ تَأْخِيرَ النُّزُولِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٌ مِنَ اسْتِغْفَارِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُنَافِقِينَ حَتَّى نَزَلَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ النُّزُولِ وَإِنْ تَقَدَّمَ السَّبَبُ. ابن حجر: فتح الباري 8/508، وقال وهبة الزحيلي: وظاهر هذا أنَّ الآية نزلت بمكة؛ ولأنَّ أبا طالب مات بمكة قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين. ونظرًا إلى أنَّ هذه السورة مدنية، فقد استبعد بعض العلماء أن تكون نزلت في أبي طالب. وهبة الزحيلي: التفسير المنير 11/58، 59.
[6] البخاري: كتاب التفسير، سورة القصص (4494)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب أول الإيمان قول: لا إله إلا الله (24).
[7] مسلم: كتاب الإيمان، باب أول الإيمان قول: لا إله إلا الله (25)، والترمذي (3188)، وأحمد (9608).
[8] مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله (2564).
[9] مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله (2564)، وابن ماجه (4143)، وأحمد (7814).
[10] كاعة: متراجعة جبانة.
[11] الحاكم (4243)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والبيهقي: دلائل النبوة 2/350، وقال الألباني: إسناده جيد. انظر: صحيح السيرة النبوية ص31، وقال الصوياني: حديث صحيح الإسناد. انظر: السيرة النبوية 1/178.
التعليقات
إرسال تعليقك