جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
حلقة من مسلسل إنهاك السودان الذي أرهقه النزاع كانت بداية النهاية التي تراد للسودان هي صدور قرار دولي ضد الرئيس عمر البشير باتهام للرجل بأنه ارتكب جرائم
حلقة من مسلسل إنهاك السودان الذي أرهقه النزاع
كانت بداية النهاية التي تراد للسودان هي صدور قرار دولي ضد الرئيس عمر البشير باتهام للرجل بأنه ارتكب جرائم حرب !، ولأول مرة تصدر هذه البادرة ضد رئيس لا يزال يحتل موقع الرئاسة ، فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي الأربعاء 4 مارس مذكرة دولية لاعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق مدنيين.
ووجهت المحكمة تهما للبشير بتصفية مدنيين والتهجير القسري والتعذيب والاغتصاب مشيرة إلى أنه متهم جنائيا بوصفه مشاركا غير مباشر في هجمات دارفور! .
وأكدت المحكمة أن على الدول الوفاء بالتزاماتها بعد صور المذكرة التي تأتي بعد مرور أكثر من سبعة أشهر من إصدار المدعي العام للمحكمة "لويس مورينو أوكامبو" طلب إصدارها بحق الرئيس السوداني، وإن كان الخبراء أكدوا أن الاتهام غير ملزم حتى للدول الموقعة على الاتفاقية في حين قال مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس البشير أن الحكم استعمار جديد، مضيفا أن قرار المحكمة يهدف لإضعاف السودان.
وإن كانت هناك محاولات عربية للإصلاح في الداخل السوداني كما فعلت قطر مؤخرا إلا أن الذي لا ينكر أن العدل والسودان كيان لا يعمل لصالح السودان وغير السودان وخاصة أن العلاقات مع الكيان الصهيوني معلنة بالتسليح الإسرائيلي ، وزيارة الحليف زعيم حركة تحرير السودان المتمردة في إقليم دارفور جناح عبد الواحد محمد نور لإسرائيل مؤخرا لحشد الدعم "لكفاحه ضد الحكومة السودانية"!، وحسبنا أن نذكر ما أوردته صحيفة هآرتس الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني 16 فبراير 2009م أن عبد الواحد محمد نور التقى أثناء زيارته إسرائيل رئيس مكتب الأمن السياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية بعاموس جلعاد حيث شارك في مؤتمر هرتزليا.
وأشارت الصحيفة إلى أن عبد الواحد وصل إلى إسرائيل في وقت سابق من الشهر الجاري بناء على مبادرة شخصية منه للمشاركة في مؤتمر هرتزليا لرؤساء المنظمات اليهودية وكان برفقته مجموعة من اليهود الأوروبيين المهتمين بقضية دارفور.
ولم يتحدث نور في أي من جلسات المؤتمر، إلا أنه حضر العديد منها. وخلال المؤتمر تم تقديم نور إلى جلعاد، ورتب الاثنان للقاء عُقد بعدها بأيام قليلة في وزارة الدفاع، ويعيش نور في فرنسا منذ 2007 ، ولم يعد إلى السودان منذ ذلك الوقت. وهو دعا إلى إقامة علاقات ديبلوماسية بين السودان وإسرائيل، وحسبنا ما ذكرنا من حصيلة ما لدى الرجل الذي يقود تحرير السودان ، ويبدو أن المفهوم الجديد للتحرير أن يسل القادة العملاء القياد للعدو ، أو يكون مرضيا عنه، وهو ذات النهج الذي أراده الاستعمار القديم لدولنا أن يقوم أبناء للوطن بجانب الولاء لمن يسلب مقدرات الوطن نظير أن يوضع على الكرسي ولا يغادره إلا في حال موته، أو يأتي من هو أكثر إخلاصا في خدمة السيد ، وأشد عطاء لأعداء الأمة .
رؤى متفاوتة، والغلبة للأقوى ولمن ينفّذ الأجندة الغربية كما يريدون، هكذا يرى المراقبون في المسألة السودانية، فلم تكد تولد الفكرة "الوحدوية" الوهمية، وتقاسم الثروات مع الجنوبيين، حتى برزت الإثنيات؛ بل قضايا الاضطهاد لذوي الأصول الأفريقية من ذوي الأصول العربية، وكان الهدف إعادة رسم ملامح الدولة السودانية ذات العمق بالنسبة لدولنا العربية.
الكثير من أبناء السودان يحملون أفكاراً عن دولة تحوي الجميع، وتتسع لكافة التوجهات والأعراق - وهذا ما حدث مع الجنوب بالمفاوضات التي أقرت التنمية واقتسام الثروة، وإن كان الاتفاق أعطى فترة انتقالية للجنوبيين لخمس سنوات ثم يتخيرون الحكم الذاتي، أو الفيدرالية، أو الوحدوية! بالطبع الخيارات جردت الحكومة من الكثير الهيبة - تحت الوصاية الدولية - والدولة مضطرة للتسليم - رضيت أم أبت - بالقرار الدولي أو التدخل الدولي، وإن تكررت مرات الرفض المعلن، وبعد ذلك التفاهم ..
دارفور و التصعيد الدولي
قضية دارفور التي تستدعى هذه الأيام، وتصور على أنها مسألة عرقية، تستهدف فيها القبائل ذات الأصول العربية القبائل الأفريقية في تلك المنطقة، هي عنوان آخر من عناوين اللعب على حبال الإثنيات لمزيد من الضغط وإعادة رسم ملامح دولة عربية مثل السودان. السودان العمق العربي في أفريقيا السوداء يتعرض لضغوط كبرى، فما إن جاءت اتفاقية نيفاشا لتعطي الجنوب حقه في تقرير مصيره بعد عدة سنوات، حتى اشتعلت الجبهة الغربية في دارفور لمزيد من الإخضاع والإضعاف وذريعة للتدخل تأتي تحت شعار الإبادة العرقية.
إنها نموذج صارخ لهذا التوظيف رغم كل تلك التنازلات التي قدمتها حكومة البشير إلا أن الضغوط الغربية تتوالى عليها من أجل قبولها بقوات اممية ربما كانت الجسر الذي تعبر عليه فكرة الفيدرالية السودانية لاحقا حتى الدويلات المستقلة وهكذا.
بين الجغرافيا والتاريخ
دارفور جزء من الصحراء الأفريقية، تخلو من الأنهار الدائمة عدا الأودية الموسمية والتي سرعان ما تجف، والأمطار في جنوب وغرب دارفور لمدة خمسة أشهر في السنة تبدأ من شهر يونيو وتنتهي في أكتوبر. وتقل الأمطار كلما اتجهنا إلى شمال دارفور حيث تنتهي حدود الولاية بالصحراء الكبرى.
ولدى دارفور حدود دولية مع ثلاث دول هي: ليبيا، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى وتضاريسها الجغرافية تعكس العديد من السمات الأساسية لهذا الإقليم. فمناطق حشائش السافنا الوسطى الصالحة للزراعة المطرية. وتحد هذه المناطق من الشمال والجنوب أراضي الرعي الشاسعة، أما المناطق الشمالية فإنها تنفتح باتجاه الصحراء التي تحولت تاريخيا إلى طريق رئيسي لدارفور نحو العالم الخارجي بينما كان الجنوب ينفتح نحو المناطق المكتظة بالسكان، والى الشرق منها يقع إقليم كردفان الذي يشكل مع دارفور وحدة جغرافية طبيعية دعمت وحدتها عندما حكم الإقليم كردفان في الفترة ما بين عام 1785 إلى 1821م.
وتسكن الإقليم عرقيات إفريقية وعربية؛ من أهمها "الفور" التي جاءت تسمية الإقليم منها، و"الزغاوة"، و"المساليت"، وقبائل "البقارة" و"الرزيقات". وتمتد جذور بعض هذه المجموعات السكانية إلى دول الجوار، خاصة تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهو إقليم صحراوي قوام حياته الرعي، تفتقر الولايات الثلاث لكافة مقومات المدن، والكهرباء فيها كثيرة الانقطاع. وتسكنها قبائل مسلمة ذوات أصول عربية وغير عربية، يعمل أغلبها بالرعي بنسبة 60%. أما الزراعة فهي بدائية وفي حدود ضيقة، وأغلب الأعمال - حتى البناء - يعتمد فيها اعتماداً كليا على المرأة. ولأبنائهما تاريخ طويل من الصراع حول الأراضي وحقوق الرعي مع الرعاة من القبائل العربية, فإن هذا الصراع لم يظهر بصورة واضحة حتى السبعينات بفضل وجود آليات تقليدية لحل المنازعات, وجدت نتيجة القوانين الموروثة من عهد الإدارة المصرية(1898 -1956).
وكانت دارفور في السابق مملكة إسلامية مستقلة تَعاقب على حكمها عدد من السلاطين، كان آخرهم السلطان "علي دينار"، ويحكم في ظل حكومة فيدرالية يحكم فيها زعماء القبائل مناطقهم، وكانت هذه الفيدراليات مستقلة تماما حتى سقطت في الحقبة التركية.
وقد اتجه أهل دارفور خلال الزحف التركي الذي استمر نحو 10 سنوات لأسلوب المقاومة، وشكّل الأمراء والأعيان حكومات ظل كانت مسؤولة عن قيادة جيش دارفور الموحد الذي كان يشن عمليات المقاومة ضد الجيش التركي. كما شهد الإقليم عدة ثورات؛ من أشهرها ثورة السلطان هارون التي دحرها غوردون باشا في العام عام 1877م، وثورة مادبو بمدينة الضعين، وثورة البقّارة. وعند اندلاع الثورة المهدية سارع الأمراء والزعماء لمبايعة المهدي ومناصرته حتى نالت دارفور استقلالها مجددا، ولكن لم يدم الاستقلال طويلا حيث سقط الإقليم تحت حكم المهدية عام 1884م الذي وجد مقاومة عنيفة طيلة عهد حكم المهدي الذي دام ما يزيد على الثلاث عشرة سنة حتى سقطت المهدية عام 1898، فعاد السلطان علي دينار ليحكم دارفور.
السكان
يبلغ عدد سكان إقليم دار فور نحو6.7 مليون نسمة، وجميع سكانه مسلمون "سنّة"، وقد انقسم الإقليم منذ عام 1994م إلى ثلاثة أقاليم متجاورة ومختلطة الأعراق وهي الغرب والشمال والجنوب، و تبلغ نسبة الجماعات الإفريقية نحو60% بينما تبلغ نسبة العرب ال- 40 % الباقية. ويقطن في الريف 75% من سكان دارفور، بينما يمثل الرعاة الرحل حوالي 15%، والباقون يقيمون في بعض المدن، مثل الفاشر، ونيالا، وزالنجي.
انضمت منطقه دارفور إلى السودان عام 1916 وهذا لا يعني أنها لم تكن تابعة للسودان قبل ذلك، حيث إنها خضعت للعهد المصري من خلال الزبير باشا ود رحمة في الفترة من 1884 إلى 1898، ثم دانت للدولة المهدية من 1884 إلى 1898، وبقيت مستقلة كفترة انتقالية قصيرة في الفترة من 1898 إلى 1916 تحت حكم السلطان علي دينار إلى أن عادت للخضوع للحكم الثنائي منذ عام 1916 وحتى استقلال السودان عام 1956.
كانت بداية النهاية التي تراد للسودان هي صدور قرار دولي ضد الرئيس عمر البشير باتهام للرجل بأنه ارتكب جرائم حرب !، ولأول مرة تصدر هذه البادرة ضد رئيس لا يزال يحتل موقع الرئاسة ، فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي الأربعاء 4 مارس مذكرة دولية لاعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق مدنيين.
ووجهت المحكمة تهما للبشير بتصفية مدنيين والتهجير القسري والتعذيب والاغتصاب مشيرة إلى أنه متهم جنائيا بوصفه مشاركا غير مباشر في هجمات دارفور! .
وأكدت المحكمة أن على الدول الوفاء بالتزاماتها بعد صور المذكرة التي تأتي بعد مرور أكثر من سبعة أشهر من إصدار المدعي العام للمحكمة "لويس مورينو أوكامبو" طلب إصدارها بحق الرئيس السوداني، وإن كان الخبراء أكدوا أن الاتهام غير ملزم حتى للدول الموقعة على الاتفاقية في حين قال مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس البشير أن الحكم استعمار جديد، مضيفا أن قرار المحكمة يهدف لإضعاف السودان.
وإن كانت هناك محاولات عربية للإصلاح في الداخل السوداني كما فعلت قطر مؤخرا إلا أن الذي لا ينكر أن العدل والسودان كيان لا يعمل لصالح السودان وغير السودان وخاصة أن العلاقات مع الكيان الصهيوني معلنة بالتسليح الإسرائيلي ، وزيارة الحليف زعيم حركة تحرير السودان المتمردة في إقليم دارفور جناح عبد الواحد محمد نور لإسرائيل مؤخرا لحشد الدعم "لكفاحه ضد الحكومة السودانية"!، وحسبنا أن نذكر ما أوردته صحيفة هآرتس الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني 16 فبراير 2009م أن عبد الواحد محمد نور التقى أثناء زيارته إسرائيل رئيس مكتب الأمن السياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية بعاموس جلعاد حيث شارك في مؤتمر هرتزليا.
وأشارت الصحيفة إلى أن عبد الواحد وصل إلى إسرائيل في وقت سابق من الشهر الجاري بناء على مبادرة شخصية منه للمشاركة في مؤتمر هرتزليا لرؤساء المنظمات اليهودية وكان برفقته مجموعة من اليهود الأوروبيين المهتمين بقضية دارفور.
ولم يتحدث نور في أي من جلسات المؤتمر، إلا أنه حضر العديد منها. وخلال المؤتمر تم تقديم نور إلى جلعاد، ورتب الاثنان للقاء عُقد بعدها بأيام قليلة في وزارة الدفاع، ويعيش نور في فرنسا منذ 2007 ، ولم يعد إلى السودان منذ ذلك الوقت. وهو دعا إلى إقامة علاقات ديبلوماسية بين السودان وإسرائيل، وحسبنا ما ذكرنا من حصيلة ما لدى الرجل الذي يقود تحرير السودان ، ويبدو أن المفهوم الجديد للتحرير أن يسل القادة العملاء القياد للعدو ، أو يكون مرضيا عنه، وهو ذات النهج الذي أراده الاستعمار القديم لدولنا أن يقوم أبناء للوطن بجانب الولاء لمن يسلب مقدرات الوطن نظير أن يوضع على الكرسي ولا يغادره إلا في حال موته، أو يأتي من هو أكثر إخلاصا في خدمة السيد ، وأشد عطاء لأعداء الأمة .
رؤى متفاوتة، والغلبة للأقوى ولمن ينفّذ الأجندة الغربية كما يريدون، هكذا يرى المراقبون في المسألة السودانية، فلم تكد تولد الفكرة "الوحدوية" الوهمية، وتقاسم الثروات مع الجنوبيين، حتى برزت الإثنيات؛ بل قضايا الاضطهاد لذوي الأصول الأفريقية من ذوي الأصول العربية، وكان الهدف إعادة رسم ملامح الدولة السودانية ذات العمق بالنسبة لدولنا العربية.
الكثير من أبناء السودان يحملون أفكاراً عن دولة تحوي الجميع، وتتسع لكافة التوجهات والأعراق - وهذا ما حدث مع الجنوب بالمفاوضات التي أقرت التنمية واقتسام الثروة، وإن كان الاتفاق أعطى فترة انتقالية للجنوبيين لخمس سنوات ثم يتخيرون الحكم الذاتي، أو الفيدرالية، أو الوحدوية! بالطبع الخيارات جردت الحكومة من الكثير الهيبة - تحت الوصاية الدولية - والدولة مضطرة للتسليم - رضيت أم أبت - بالقرار الدولي أو التدخل الدولي، وإن تكررت مرات الرفض المعلن، وبعد ذلك التفاهم ..
دارفور و التصعيد الدولي
قضية دارفور التي تستدعى هذه الأيام، وتصور على أنها مسألة عرقية، تستهدف فيها القبائل ذات الأصول العربية القبائل الأفريقية في تلك المنطقة، هي عنوان آخر من عناوين اللعب على حبال الإثنيات لمزيد من الضغط وإعادة رسم ملامح دولة عربية مثل السودان. السودان العمق العربي في أفريقيا السوداء يتعرض لضغوط كبرى، فما إن جاءت اتفاقية نيفاشا لتعطي الجنوب حقه في تقرير مصيره بعد عدة سنوات، حتى اشتعلت الجبهة الغربية في دارفور لمزيد من الإخضاع والإضعاف وذريعة للتدخل تأتي تحت شعار الإبادة العرقية.
إنها نموذج صارخ لهذا التوظيف رغم كل تلك التنازلات التي قدمتها حكومة البشير إلا أن الضغوط الغربية تتوالى عليها من أجل قبولها بقوات اممية ربما كانت الجسر الذي تعبر عليه فكرة الفيدرالية السودانية لاحقا حتى الدويلات المستقلة وهكذا.
بين الجغرافيا والتاريخ
دارفور جزء من الصحراء الأفريقية، تخلو من الأنهار الدائمة عدا الأودية الموسمية والتي سرعان ما تجف، والأمطار في جنوب وغرب دارفور لمدة خمسة أشهر في السنة تبدأ من شهر يونيو وتنتهي في أكتوبر. وتقل الأمطار كلما اتجهنا إلى شمال دارفور حيث تنتهي حدود الولاية بالصحراء الكبرى.
ولدى دارفور حدود دولية مع ثلاث دول هي: ليبيا، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى وتضاريسها الجغرافية تعكس العديد من السمات الأساسية لهذا الإقليم. فمناطق حشائش السافنا الوسطى الصالحة للزراعة المطرية. وتحد هذه المناطق من الشمال والجنوب أراضي الرعي الشاسعة، أما المناطق الشمالية فإنها تنفتح باتجاه الصحراء التي تحولت تاريخيا إلى طريق رئيسي لدارفور نحو العالم الخارجي بينما كان الجنوب ينفتح نحو المناطق المكتظة بالسكان، والى الشرق منها يقع إقليم كردفان الذي يشكل مع دارفور وحدة جغرافية طبيعية دعمت وحدتها عندما حكم الإقليم كردفان في الفترة ما بين عام 1785 إلى 1821م.
وتسكن الإقليم عرقيات إفريقية وعربية؛ من أهمها "الفور" التي جاءت تسمية الإقليم منها، و"الزغاوة"، و"المساليت"، وقبائل "البقارة" و"الرزيقات". وتمتد جذور بعض هذه المجموعات السكانية إلى دول الجوار، خاصة تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهو إقليم صحراوي قوام حياته الرعي، تفتقر الولايات الثلاث لكافة مقومات المدن، والكهرباء فيها كثيرة الانقطاع. وتسكنها قبائل مسلمة ذوات أصول عربية وغير عربية، يعمل أغلبها بالرعي بنسبة 60%. أما الزراعة فهي بدائية وفي حدود ضيقة، وأغلب الأعمال - حتى البناء - يعتمد فيها اعتماداً كليا على المرأة. ولأبنائهما تاريخ طويل من الصراع حول الأراضي وحقوق الرعي مع الرعاة من القبائل العربية, فإن هذا الصراع لم يظهر بصورة واضحة حتى السبعينات بفضل وجود آليات تقليدية لحل المنازعات, وجدت نتيجة القوانين الموروثة من عهد الإدارة المصرية(1898 -1956).
وكانت دارفور في السابق مملكة إسلامية مستقلة تَعاقب على حكمها عدد من السلاطين، كان آخرهم السلطان "علي دينار"، ويحكم في ظل حكومة فيدرالية يحكم فيها زعماء القبائل مناطقهم، وكانت هذه الفيدراليات مستقلة تماما حتى سقطت في الحقبة التركية.
وقد اتجه أهل دارفور خلال الزحف التركي الذي استمر نحو 10 سنوات لأسلوب المقاومة، وشكّل الأمراء والأعيان حكومات ظل كانت مسؤولة عن قيادة جيش دارفور الموحد الذي كان يشن عمليات المقاومة ضد الجيش التركي. كما شهد الإقليم عدة ثورات؛ من أشهرها ثورة السلطان هارون التي دحرها غوردون باشا في العام عام 1877م، وثورة مادبو بمدينة الضعين، وثورة البقّارة. وعند اندلاع الثورة المهدية سارع الأمراء والزعماء لمبايعة المهدي ومناصرته حتى نالت دارفور استقلالها مجددا، ولكن لم يدم الاستقلال طويلا حيث سقط الإقليم تحت حكم المهدية عام 1884م الذي وجد مقاومة عنيفة طيلة عهد حكم المهدي الذي دام ما يزيد على الثلاث عشرة سنة حتى سقطت المهدية عام 1898، فعاد السلطان علي دينار ليحكم دارفور.
السكان
يبلغ عدد سكان إقليم دار فور نحو6.7 مليون نسمة، وجميع سكانه مسلمون "سنّة"، وقد انقسم الإقليم منذ عام 1994م إلى ثلاثة أقاليم متجاورة ومختلطة الأعراق وهي الغرب والشمال والجنوب، و تبلغ نسبة الجماعات الإفريقية نحو60% بينما تبلغ نسبة العرب ال- 40 % الباقية. ويقطن في الريف 75% من سكان دارفور، بينما يمثل الرعاة الرحل حوالي 15%، والباقون يقيمون في بعض المدن، مثل الفاشر، ونيالا، وزالنجي.
انضمت منطقه دارفور إلى السودان عام 1916 وهذا لا يعني أنها لم تكن تابعة للسودان قبل ذلك، حيث إنها خضعت للعهد المصري من خلال الزبير باشا ود رحمة في الفترة من 1884 إلى 1898، ثم دانت للدولة المهدية من 1884 إلى 1898، وبقيت مستقلة كفترة انتقالية قصيرة في الفترة من 1898 إلى 1916 تحت حكم السلطان علي دينار إلى أن عادت للخضوع للحكم الثنائي منذ عام 1916 وحتى استقلال السودان عام 1956.
جميع الحقوق محفوظة لموقع قصة الإسلام ©2012
تطوير وبرمجة
ProSolutionZ
التعليقات
إرسال تعليقك