الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
التواضع خلق جليل من روائع أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم التي اتسم بها وضرب لنا فيها أعظم الأمثلة فكيف كان تواضعه صلى الله عليه وسلم؟
صور من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم
1- الأمة من إماء المدينة تنطلق به حيث شاءت:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت[1].
2- يا أبا عميرٍ ما فعل النغير:
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أم سليم[2]، ولها ابنٌ من أبي طلحة يُكَنَّى أبا عمير، وكان يمازحه، فدخل عليه فرآه حزينًا، فقال: "مَا لِي أَرَى أَبَا عُمَيْرٍ حَزِينًا؟!" فقالوا: مات نُغْرُه[3] الذي كان يلعب به. قال: فجعل يقول: "أبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟"[4].
3- يخصف نعله ويخيط ثوبه:
عن عائشة أنها سُئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته، قالت: "كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ"[5].
4- أنت أحق بصدر دابتك مني:
عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبا بريدة يقول: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي جاء رجل ومعه حمار فقال: يا رسول الله، اركبْ. وتأخر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ، أَنْتَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِكَ مِنِّي إِلاَّ أَنْ تَجْعَلَهُ لِي". قال: فإني قد جعلته لك، فركب صلى الله عليه وسلم[6].
5- ويمزح مع زاهر:
عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهرًا، كان يهدي للنبي صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية، فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلًا دميمًا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يومًا وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال الرجل: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ". فقال: يا رسول الله، إذًا والله تجدني كاسدًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَكِنْ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ"، أو قال: "لَكِنْ عِنْدَ اللهِ أَنْتَ غَالٍ"[7].
[1] البخاري: كتاب الأدب، باب الكبر (5724).
[2] أم سُلَيْم اسمها سهلة، ويقال: الغُمَيْصاء. كانت تحت مالك بن النضر أبي أنس بن مالك في الجاهلية، فولدت له أنس بن مالك، فلما جاء الله بالإسلام أسلمت مع قومها، ثم تزوجت بعده أبو طلحة الأنصاري، وتوفيت في حدود 40هـ في خلافة معاوية. الإصابة، الترجمة (12066).
[3] طائر صغير يشبه العصفور منقاره أحمر.
[4] البخاري: كتاب الأدب، باب الكُنْيَة للصبي وقبل أن يولد للرجل (5850)، ومسلم: كتاب الآداب، باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته (2150)، وأبو داود (4969)، والترمذي (333)، وأحمد (12980).
[5] أحمد (23756)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث صحيح.
[6] رواه أبو داود: كتاب الجهاد، باب رب الدابة أحق بصدرها (2572)، وقال الألباني: صحيح. انظر حديث رقم (1478) في صحيح الجامع.
[7] رواه أحمد (12669)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
التعليقات
إرسال تعليقك