ملخص المقال
الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة، ومن أعظم القربات والطاعات، فعن أحكامها وفقهها كان هذا الحوا مع الشيخ مصطفى العدوي
تعد الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة، ومن أعظم القربات والطاعات، وهي شعار على إخلاص العبادة لله وحده، وامتثال أوامره ونواهيه، ومن هنا جاءت مشروعية الأضحية في الإسلام، والأضحية سنة من سنن المرسلين وسنة في الأمم من قبلنا، وأستدل بعض العلماء على ذلك من قولة تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34] ولقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين أملحين.
وفي هذا الصدد جاء هذا الحوار مع فضيلة الشيخ مصطفى العدوى الداعية الإسلامي، حول أحكام الأضحية في عيد الأضحى وفضلها ومشروعيتها والأفضل في الأضحية، وإليكم نص الحوار..
ما حكم الأضحية في الإسلام؟
- الأضحية مشروعة بكتاب الله وبسنة رسول الله وبالإجماع الذي نقله عدد هائل من أهل العلم، وهي مستحبة وليست بواجبه، واستحبابها أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن من لم يضحِّ من أمته، فقد سمى الله على كبش وكبَّر، وقال هذا عمن لم يضحِّ من أمتي، ولقد قال أبو سريحة رحمة الله: "رأيت أبا بكر وعمر وهما يضحيان".
وقال أبو مسعود البدري رضي الله عنه، إني لأضع الأضحى أي اترك التضحية وإني لموسر حتى لا يظن الناس أنها واجبة فعلى ذلك قوله تعالى: "فصل لربك وأنحر" هو دال على المشروعية لكن ليس بالأمر الملزم، ومعناه فصل لربك لا تصل لأحد سواه وأنحر لربك ولا تنحر لأحد سواه بغض النظر عن الوجوب، فالأضحية مستحبة وليست بواجبة.
استدل البعض على وجوب الأضحية بحديث "من وجد سعة فلم يُضحِّ فلا يقربن مصلانا"؟
- الحديث الذي أستُدل به على الوجوب وهو حديث "من وجد سعة فلم يُضحِّ فلا يقربن مصلانا" فهو حديث ضعيف غير ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي استدل به البعض على الوجوب، فالأضحية سنة مستحبة وعلى ذلك إن فعلتها تثاب وإن لم تفعلها فلا إثم عليك وعلى إثر ذلك إذا كان المسلم يضحي كل سنة وآثرت عامًا فترك الأضحية فعليه ألا يتشاءم بتركة للأضحية لأنها سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
ما هو قدر الثواب المتأتي من وراء الأضحية؟
- الأخبار التي وردت في هذا الصدد كلها ضعيفة لا تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، فتعيين قدر الثواب على الأضحية ليس فيه خبر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لها ثواب بلا شك لأن النبي قال للرجل الذي ذبح قبل الصلاة قال: "ذبيحتك ليست من النسك في شيء، شاتك شاة لحم"، فمعنى ذلك أن ما ذبح قبل الصلاة أعتبره النبي محمد لحمًا يُطعم كباقي الأطعمة، أما ما ذُبح بعد الصلاة وتوافرت فيه شروط ذبح الأضحية فحينئذ يُثاب فاعلها، ومن هذا الإطار نؤكد أن الأحاديث الواردة في تعيين قدر الثواب لا تثبت كالاعتكاف مثلا يثاب فاعله لكن كم يُثاب من الأجر لا يوجد في الباب خبر ثابت، وهناك عدة أخبار لكنها ليست بثابتة كالأضحية والعقيقة والطواف بالبيت كلها أعمال بر يُثاب فاعلها، لكن لم يثبت في تحديد قدر الثواب حديث صحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام.
من أي شيء تكون الأضحية؟
- تكون الأضحية من الأنعام الثمانية، والأنعام الثمانية هي التي ذكرت في قول الله تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: 6] وفي آية أخرى يقول سبحانه جل في علاه: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 144- 143]، فالأضحية لا تكون إلا في الأنعام الثمانية وهذا رأي الجمهور وهي "الجمل، الناقة، الثور، البقرة، الجدي، العنزة، الكبش والنعجة، والجاموس يلحق بالبقر، فما الجاموس إلا بقر أسود، فهذه الأقسام التي تجوز منها الأضاحي.
ما هو رأيك فيمن يستدل بقول ابن حزم، حيث تجوز التضحية "بالديك والفرخة" ونحو ذلك، واستشهد بدليل أن مؤذنًا ضحى بمؤذن، يقصد أن سيدنا بلال ضحى بديك؟
- هذا حديث تالف الإسناد، ولم يثبت صحته ولم يصح سنده إلى سيدنا بلال رضي الله عنه وأرضاه، فالأضحية تكون في أحد الأنعام الثمانية ولا تجوز في غير ذلك.
ما هي شروط الأضحية؟
- هناك بعض الشروط التي يجب أن تتوافر في الأضحية أولًا أن تكون مسنة، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يُعسر على أحدكم فليذبح جذعه من الضأن"، والمسنة هي الثني من كل شيء، والثني الذي ظهرت له سنتان بعد الأسنان اللبنية، والأسنان اللبنية هي التي تكون في المولود أول ما يولد صغيرة وتتساقط.
وما هو الثني من هذه الأقسام الثمانية؟
- الثني من البقر ما له سنتان فصاعدًا على وجه التقريب، ومن الإبل ما له خمس سنوات فصاعدًا، ومن الماعز ماله سنة فصاعدًا، ومن الغنم الضأن فيه بعض الاختلاف والأشهر ما له ستة أشهر فصاعدًا.
ما هو حكم التضحية بالحوامل؟
- تجوز التضحية بالحوامل، أي إذا البقرة عشراء جازت التضحية بها والجاموس.
وما الحكم إذا أراد الإنسان أن يضحي بجدي؟
- إذا أراد المسلم أن يشترى جديًا يضحي به، فعليه أن يتأكد بكونه ثنيًا كما سلف، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا تذبحوا إلا مسنة" والمسنة هي الثني كما قال الجمهور من العلماء.
ما حكم الأضحية بذات العيب الواضح؟
- نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن التضحية بذات العيب الواضح، فقد نهى عن التضحية بالعوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والكسيرة البين كسرها وعن العجفاء أو الهزيلة التي لا تنقي، وضعيفة العقل الهزيلة الضعيفة، فلقد نهى رسول الله عن التضحية بتلك الأقسام وما كان فوق ذلك من باب أولى، فإن كان النبي نهى عن العرجاء البين عرجها فمن باب أولى أنه لا يجوز التضحية بالمقطوعة الرجل، فكل هذه العيوب تمنع وما زاد على ذلك أيضًا، فإذا اخترت شاتك وأعددتها لتضحي بها وقبل العيد بأيام كُسرت فلا تُجزئ في الأضحية؛ لأن العبرة بوقت التضحية.
ما الذي يحتاجه الرجل لكي يضحي عن أهل بيته؟
- تُجزئ عن الرجل وأهل بيته شاة أو عنزة أو معز أو كبش، وأيضًا يجزئ عن الرجل وأهل بيته سُبعُ بقرة، وسُبعُ جمل عن الرجل وأهل بيته، وإن زدت فهو خير كبير، وعلى ذلك استقر الجمهور على أن البقر تجزئ عن سبعة بيوت وأيضًا الناقة تُجزئ عن سبعة بيوت.
هل يجوز اشتراك أكثر من شخص في أضحية واحدة؟
- ويجوز اشتراك شخص بسبع كأضحية وشخص أخر بسبعين كعقيقه عن ولد ذكر وشخص ثالث بسبع عن عقيقه لبنت وشخص رابع بسبع كلحم يأكله فيجوز هذا الاشتراك عند جمهور العلماء باستثناء الأحناف، فالمالكية والشافعية والحنابلة يجوز عندهم ما ذُكر سلفًا.
هل يأخذ الجازر شيئًا من الأضحية؟
- نهى النبي عليه الصلاة والسلام من أن يعطى الجازر من الأضحية شيئًا، يأخذ الأجر ولا يُعطى من الأضحية شيئًا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
ما هو حكم الذبح قبل صلاة العيد؟
- لا يجوز الذبح قبل صلاة عيد الأضحى، ومن ذبح قبل الصلاة عليه أن يعيد الذبح إذا كان يريد التضحية؛ لأنها ستكون من اللحم وليست من النسك في شيء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من ذبح قبل الصلاة فليعد مكانها أخرى"، وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، وهذا دليل على أن ذبح الأضحية يكون بعد الانتهاء من صلاة عيد الأضحى.
هل تقوم السمنة مقام السن في الأضحية؟
- لا تقوم السمنة مكان السن في الأضاحي، بمعنى أن المسلم إذا أتي ببقرة كبيرة الحجم وسمينة ولكن عمرها ستة أشهر ولم تكسر لا تجوز فيها الأضحية؛ لأن السمنة لا تقوم مقام السن في الأضحية، وقد لُفت لمثل هذا النظر من قبل حيث أن أصحاب المزارع يقومون بعلف البقر كمشروع اقتصادي مربح، فتكون بالحجم الذي يمكن أن تُري خروج منها الأضحية، وكان أصحاب المزارع يريدون استخراج فتوى تُجيز الأضحية السمينة التي لم تبلغ سن الأضحية لكي يقوم أصحاب المزارع ببيع هذه الرءوس للجمعيات الشرعية على أنها رءوس أضاحي، ولكن أكد الجمهور على أن السمنة لا تقوم مقام السن في الأضاحي.
هل يجوز العدول عن الأضاحي بدفع أموال للفقراء؟
- إذا جئت تضحي يقولون أرسل المال لبلدة كذا أو لسائل محتاج في مكان كذا، كلا بل الله قال: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، فإذا قال ربنا وهو أصدق القائلين هذا في الأضاحي، فلماذا تعدل عنها ورب العزة يقول لكم فيها خير، ومثل هذه المقولات من المثبطين هدفها هو محو الشعائر الإسلامية.
وما معنى قولة تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36]؟
- لقد قصد الله بقوله: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] أي من أعلام دينه الظاهرة لكم فيها خير كثير وانحروها قائمة على ثلاثة أرجل معقولة الرجل اليسرى والرجل الرابعة تضم الساق إلى الفخذ وتربط رباطًا، وصواف هي صفة لوقفتها أثناء نحرها، ويؤتى بسكين حاد يطعن بها في أللبات عند اتصال الرقبة بالجسم طعنة أو طعنتين فتسقط لقولة تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]، أي المتعفف والمعترض لك بالسؤال.
كم يطعم القانع والمعتر وصاحبها؟
- البعض يقول تُثلث لكل واحد منهما الثلث وهذا طبقُا للآية الكريمة، ولكن ذهب بعض أهل العلم إلا أن الآية ليست بصريحة في التثليث، أي إذا قسمت البقرة لثلاثة أجزاء فهو حسن وإن لم تفعل فهو حسن أيضًا على ما تقتضيه المصالح، ومن العلماء من قال نصف لك من الأضحية ونصف للفقراء والمساكين لقولة تعالى فكلوا منها واطعموا البائس الفقير فالأمر في توزيعها على التوسعة وليس هناك ملزم بشيء معين في أبواب تقسيم الأضاحي.
لمَ شُرعت الأضاحي؟
- الأضاحي شُرعت من أجل مقاصد شريفة ونزيهة أهمها ذكر الله عز وجل، فقال سبحانه وتعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ... } [الحج: 34-35] إلى آخر الآيات، وفي صدر هذه الآيات يقول ربنا جل في علاه ليذكروا اسم الله في أيام معدودات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، فهي سنة للخليل إبراهيم وسنة للأنبياء والمرسلين وسنة للنبي محمد صلى الله عليهم جميعًا وسلم وسنة للأمم أجمع.
ما هو آخر وقت الأضحية؟
- على ما ترجح من أقول العلماء لقول الرسول عليه الصلاة والسلام "أيام التشريق الثلاث أيام أكل وشرب وذكر لله"، فآخر أيامها هو آخر أيام التشريق وعلى خلاف بين العلماء فمنهم من يقول يومين ولكن الاستظهار بقوله عليه السلام هو الأصح والذي أجمع عليه جمهور العلماء.
هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة في شاة واحدة؟
- لا يجوز الجمع بينهما في شاة واحدة، إنما سلفًا فإذا اشتركت بسبع عن الأضحية في بقرة وسبعين عن الأضحية عقيقه جاز ذلك، أما الجمع في شاة واحدة تقول هي عقيقه وأضحية في نفس الوقت ليس هذا بوارد.
هل يجوز صرف زكاة الأموال في الأضاحي؟
- لا يجوز صرف زكاة الأموال في الأضاحي، فلا يجوز أن تشترى بزكاة مال بقرة وتقول هي أضحية.
هل هناك أفضلية في نوع الأضحية؟
- الأضحية التي بلغت السن وأسمن وأعظم فهي أحب، ولكن هل بقرة أفضل أم بدنة والجواب البدنه أفضل.
ما حكم إعطاء جلود الأضحية للجازر؟
- لا يُعطى الجازر من الأضحية شيئًا ولا حتى جلودها، فالجلود يُتصدق بها لمسجد من المساجد وجاز للمسجد أن يبيعها ويتصرف فيها كيفما يشاء، لكن صاحب الأضحية لا يحق له التصرف في جلد الأضحية وبيعها.
كم مدة بقاء لحم الأضحية؟
- ادخر كيف شئت، فقد كان هناك نهي عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ثم رُخص في الادخار، كلوا وادخروا ما شئتم لما وسع الله على المسلمين.
هل يجوز التوكيل في الأضاحي؟
- نعم يجوز التوكيل في الأضحية، ولكن الأفضل أن يقوم الإنسان بنفسه لكي يأكل منها، لقوله سبحانه: {فكلوا منها واطعموا البائس الفقير}.
هل تجوز الأضحية عن الميت؟
- نعم تجوز الأضحية عن الميت كصدقة له.
التعليقات
إرسال تعليقك