ملخص المقال
حوار مع الشيخ الطبلاوي حول أهم المحطات في حياته وعلاقته بالقرآن الكريم وزياراته لبلدان العالم ورأيه في الرئيسين المخلوع مبارك والمنتخب مرسي.
هو آخر حبة في مسبحة القراء العظام، وصاحب النغمة المستحيلة، وشيخ المقارئ المصرية، وواحد من قرَّاء قلائل أتيح له أنْ يقرأ القرآن في جوف الكعبة بحضور العاهل السعودي الراحل الملك "خالد بن عبد العزيز"، الذي أبلغه أنَّ القرآن الكريم لم يُقرأ إلَّا في مصر... إنَّه الشيخ "محمد محمود الطبلاوي"، واحد من أبرز رموز المدرسة المصرية في قراءة القرآن، وصاحب مذاق خاص من بين عظام القراء في مصر والمنطقة.
وفي حواره يعتز الطبلاوي كثيرًا بقراءته القرآن في جوف الكعبة لدى مشاركته في غسيلها بحضور العاهل السعودي الراحل الملك "خالد"، ويعتبرها- مع قراءة القرآن في الحرم النبوي والمسجد الأقصى- من أهم المحطات في حياته، والتي يعتز بها كثيرًا ولا يمكن أنْ تُزال من ذكراته، بل إنَّه لا يمل من تذكير أحفاده بها وتلاميذه ومحبيه.
ولا يُخْفِي الطبلاوي تأثُّره البالغ بقراءة سُور: "الشُّورى" و"الأنبياء" و"الزُّمَر" في الحرمين المكي والمدني، وكيف أثار إعجاب المسلمين من جميع أصقاع العالم؟ رغم أنَّهم لا يجيدون اللغة العربية ولا يفهمون معانيها، فضلًا عما أبداه الشاميون من إطراء على أدائه عندما كان يقرأ سورة "الأنبياء" في الحرم المدني، لدرجة أنَّهم تمايلوا معه بأجسادهم مما أثار حفيظة الشُّرطة السعودية.
لا يجد الطبلاوي حرجًا في التأكيد على انتظاره تكريم المملكة العربية السعودية له؛ باعتبار أنَّ مسيرة 60 عامًا من قراءة القرآن الكريم لا يمكن أنْ تفوت دون تكريمٍ من البقعة التي نزل فيها كتاب الله، فضلًا عن تطرُّقه للقائه الأخير مع الرئيس المخلوع "حسني مبارك" قبل أيام من اندلاع الثورة، والنصيحة التي أسداها إلى الرئيس الجديد "محمد مرسي".
وهو ما سنتابعه معه بالتفصيل في السطور التالية.
في البداية نرغب في التعرف على مسيرتك القرآنية الطويلة التي تجاوزت أكثر من 60 عامًا؟
وُلدتُ بمنطقة "ميت عقبة" بمركز إمبابة، في 14 نوفمبر 1934م، وعند بلوغي سِنَّ الرابعة اصطحبني والدي الحاج "محمود" إلى كُتَّاب القرية؛ لأكون من حفظة كتاب الله، والحمد لله أتممت حفظ القرآن وتجويده في سِنِّ العاشرة، وكان والدي- رحمه الله- يتضرع إلى الله أنْ يرزقه ولدًا يحفظ القرآن، ومنذ نعومة أظفاري وقد حقَّقت له هذه الأمنيَّة لدرجة أنَّني لم أترك كتاب الله ولم أنقطع عنه، وإنَّما ظللت أراجعه بانتظام مرة كل شهر.
وقد بدأت قارئًا صغيرًا غير معروف، أقرأ في المآتم وبعض المناسبات البسيطة، وكان ذلك قبل بلوغي سِنَّ الخامسة عشرة، وكنت قانعًا بما قَسَمَه الله لي من أجر لم يزد على ثلاثة جنيهات في السهرة، ولما حصلت على خمسة جنيهات تخيلت أنَّي وصلت القمة، غير أنَّ هذه المسيرة الطويلة لم تخلُ من عقبات، تمثلت في: تعثري في الالتحاق بالإذاعة المصرية لمدة 9سنوات؛ حيث كانت لجنة الاستماع بالإذاعة تؤجل لي عامًا بعد آخر بذريعة افتقادي لما أسموه "الانتقال النغمي"، وهي الحجة التي تصدَّت لها لجنة من القرَّاء ضمت عددًا من رموز القراءات ومن بينهم الشيخ "رزق خليل حبة" و"محمد العرابي"؛ حيث أقروا انضمامي للإذاعة مؤكِّدين أنَّ عددًا من كبار القراء يفتقدون "الانتقال النغمي" ومع هذا التحقوا بالإذاعة.
قهوة وإسعاف!
من المؤكَّد أنَّ هذه المسيرة الطويلة لا تخلو من ذكريات مازالت عالقة في ذهنك؟
نعم، تعرضت لذكريات حزينة وأخرى سعيدة:
أمَّا الأولى: فكان وقعها على النفس مريرًا، وحيث كنت أُحْيي مأتمًا كبيرًا في أحد أحياء القاهرة، وقدَّم لي الشخص المكلَّف بإعداد المشروبات للرواد "فنجانًا" من القهوة وسط زحام كثيف داخل السرادق الضخم، والرُّواد بالآلاف من بينهم شخصيات مشهورة، وقد مَنَّ الله عليَّ بتجليات ونفحات مباركة جعلتني لا ألتفت لـ"فنجان القهوة".
وبعد أنْ أنهيت التلاوة وكنت موفَّقًا- بفضل الله- عزمت على تناول "الفنجان"، وعندما هممت بارتشاف القدح فأجاني أحد الأصدقاء وبدلًا منْ أنْ أمسك القدح إذا به يسلم عليَّ ويُقبِّلني، ودخلت معه في حوار ساخن أنساني القهوة فإذا بأحد الجالسين- وقد شعر بإعراضي عنها- إلَّا وتناولها، وإذا به يصاب بغثيان شديد! وبعد لحظات علمتُ أنَّه انتقل بسيارة الإسعاف لـ"القصر العيني"، وتَمَّ إسعافه ونَجَا، وكان ذلك بعد التحاقي بالإذاعة مباشرة نهاية عام 1970م.
هذه هي المواقف المحرجة والمريرة، فماذا عن المواقف السعيدة التي تلازمك وتشعر بارتياح لدى تذكُّرها؟
في بداية الثمانينيات تقريبًا سافرت إلى الهند؛ من خلال وفد رسمي يرأسه وزير الأوقاف المصري حينذاك الدكتور "زكريا البري" للمشاركة في أحد المؤتمرات الرسمية التي أقامتها جامعة الندوي بنيودلهي، وقد تأخرنا عن المؤتمر لمدة تزيد على نصف ساعة، وهنا أُسقِط في يد منظمي المؤتمر الذين عقدوا العزم على مشاركتنا في الجلسة الافتتاحية، ولما يئسوا من حضورنا بدأوا الحفل، رغم وضعهم اسمي في ورقة المؤتمر لقراءة القرآن في بداية جلسة الافتتاح، وهنا شعرنا بالإحراج، وتفتَّق ذهن الدكتور "البري" عن فكرة مفادها: "دغدغة مشاعر الهنود" المعروفين بحبهم للقرآن ولِي، وطلب شفاعتي لدى رئيس المؤتمر وهو ما تحقق فما أنْ رآني رئيس المؤتمر متشحًا بالزِّيِّ الأزهري حتى رحَّب بي وقبل وساطتي، وأعاد افتتاح المؤتمر مجدَّدًا، ولا تدري سِرَّ سعادتي أنْ أشعر بمدى تقدير الهنود لقرَّاء القرآن الكريم ولي، فضلًا عن الدكتور "البري" قد شعر بقيمتي فقرَّر اختياري "شيخ عموم المقارئ المصرية"
قرئ في مصر
ارتبطت سنواتٍ عديدة بالسفر للمملكة العربية السعودية للمشاركة في غسيل الكعبة وأداء فريضة الحج، ومن المهم أنَّ هناك محطات مهمة خلال هذه الرحلة؛ هلا أطلعتنا عليها؟
في نهاية السبعينيات وخلال حكم الملك "خالد بن عبد العزيز" تلقيت دعوة أنا والشيخ عبد الباسط عبد الصمد للمشاركة في غسيل الكعبة، وهنا بادرنا الملك- رحمه الله- بالقول:
"تعرف يا شيخ طبلاوي أنَّ القرآن الكريم نَزَل في جزيرة العرب، وطُبع في إسطنبول، وقُرِئ في القاهرة"، للوهلة الأولى لم أفهم مغزى الكلام؛ حيث رددت عليه بأنَّني أفهم أنَّه نزل في الجزيرة وطُبع في المطابع العثمانية غير أنَّه "قرئ في مصر" غير واضحة بالنسبة لي، فقال: "ما أقصده أنَّ أفضل من قرأ القرآن هم المصريون، وهذه شهادة صرت أعتز بها أنا والشيخ عبد الباسط، ونكررها لسنوات طوال كلما تقابلنا.
كرم وسخاء
وهل انتهت الواقعة عند هذا الحد؟
بالطبع لا؛ فقد باغت الملكُ "خالد"- رحمه الله- ساعتها وزيرَ الإعلام حينذاك "محمد عبده يماني" بالسؤال عن مقر إقامتنا في مكة فأبلغه أنَّنا نقيم في "فندق اليمامة" فأصدر فرمانًا ملكيًّا بنقلنا لـ"فندق الزهرة"، وسأله عما رصد من مقابل مالي عن كل دقيقة نسجل فيها القرآن فدله على رقم معين فطالب بمضاعفته، وهذا يكشف كيف كان الملك شغوفًا بكتاب الله ومحبًا للاستماع إليه من القرَّاء المصريين، ناهيك عن كرمه وسخائه.
جوف الكعبة
من المؤكَّد أنَّك قرأت القرآن في موسم الحج كثيرًا، وأمتعت رواد بيت الله الحرام أثناء مواسم الحج والعمرة؟
لقد مَنَّ الله عليَّ أن جعلني أقرأ القرآن في مكانٍ لم يُتحْ لأحد من العالَمِين؛ حيث كنت أرافق الملك الراحل "فهد بن عبد العزيز"- رحمه الله- بصحبة "آل شيبة" المكلفين بحفظ مفتاح الكعبة، وما أنْ دخلت إلى جوف الكعبة حتى طالبني أحدهم بأنْ أقرأ قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}، حدث هذا في جوف الكعبة حيث ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وخلال هذا العام شاركت بقوة في موسم الحج، وظهرت تجليات شديدة حازت إعجاب الشاميين الذين أعتبرهم "سَمِّيعة" من الدرجة الأولى للقرآن الكريم؛ حيث كانوا يثنون على أدائي، ويدعون الله أنْ يجعله في ميزان حسناتي، وهي كلها مواقف أعتز بها ولا أمَلُّ من تَكْرارها لأحفادي وتلاميذي.
خلال أدائك لفريضة الحج، ما هي أبرز السُّور التي قرأتها داخل الحرمين المكي والنبوي؟
لا أنسى أبدًا حينما كنت أقرأ سورة "الشورى" داخل الحرم المكي، والتف حولي حجيجٌ من كل حَدَبٍ وصَوْب فهم- ورغم عدم إلمامهم باللغة العربية- إلَّا أنَّ أنَّهم نقلوا لي شغفهم الرهيب بالقرآن الكريم، وأثنوا على قدراتي، بل إنَّ بعضهم وجَّه لي الدعوة لزيارة بلادهم لدرجة أنَّني قمت بزيارة ما يقرب من 80 دولة، وتلاوة وتجويد القرآن أمام أكثر من مَلِك ورئيس.
غير أنَّ زيارتي للمسجد الأقصى وقراءة القرآن داخله في سبعينيات القرن الماضي كانت من أهم المحطات في حياتي؛ حيث لا أستطيع أنْ أصف لكم كم الروحانيات في هذا المكان، فضلًا عن أنَّني دُعيت للقراءة على مآتم الكبار في المنطقة، مثل: شخصيات كبيرة في الشام، والعراق، ووالدة الملك "حسين".
وكذلك قرأت داخل الحرم النبوي سورتي "الزُّمَر والأنبياء"، وكانت ردود الأفعال شديدة الإيجابية، رغم النظام الصارم داخل الحرم حيث أخذ بعض الأردنيين واللبنانيين يتمايلون وأنا أقرأ، وهذا ما أثار حفيظة الشُّرطة السعودية المحافظة بطبعها، والتي طالبتهم بالتوقف الفوري.
ما هي آخر مرَّة زُرْت فيها السعودية وأديت فيها فريضة الحج؟
آخر مرَّة زرت فيها السعودية منذ عشر سنوات تقريبًا، ومنذ هذا الوقت لم أزر السعودية ولم ألْقَ دعوةً للحج، رغم أنَّني أنتظر بين الحين والآخر تكريم الملك عبد الله بن عبد العزيز لي؛ فبعد أكثر من 60 عامًا من خدمة كتاب الله لا يسع أي عامل في حقل القرآن إلَّا أنْ ينتظر التكريم من مَقَرِّ الرسالة النبوية وموطن الحرمين الشريفين، التي أحبها وأعشقها، وهذا التكريم يعد قلادة على صدر كل قارئ للقرآن الكريم.
بركات الحرم
حقَّق عدد من المقرئين السعوديين نوعًا من الانتشار؛ فكيف تُقَيِّم هذه التجربة وما سر هذا الانتشار؟
المصريون هم الأساس في قراءة القرآن، وهم من علَّموا السعوديين القرآن، وهم أصحاب الأصوات التي تلقى شهرة عالمية.
أمَّا كل من يأخذ الشرائط للاستماع فيأخذها تبركًا لكي تذكِّره بالحرم المكي أو النبوي، فأنت حين تستمع لـ"الشريم والسديس" تشعر أنَّك في الحرمين، وهذا ما يكون له تداعيات روحانية على المستمِع أكثر من إعجابه بقراءته وإنْ كانوا قد حقَّقوا نجاحات فيما يتعلق بالتلاوة، لاسيما أنَّ قراء مصر وبعض الدول العربية مثل ليبيا وسوريا يركِّزون على التجويد ويبدعون فيه.
في ظل الحديث عن المقرئين العظام وَصَفَك الكاتب الصاحفي "محمود السعدني" بأنَّك آخر حَبَّة في سبحة المقرئين العظماء، وصاحب النغمة المستحيلة؛ فهل يعني هذا أن المواهب والقراء العظام قد فات أوانهم؟
تراجعت المواهب في كل المجالات فإنَّك ترى الفنيين في كل المجالات قد تراجعت مواهبهم، وسار كل همهم تقليد من سبقوهم، وهو الأمر الذي يتكرر بشكل حرفي فيما يتعلق بقرَّاء القرآن الجدد؛ حيث لا يسعى الواحد منهم لكي يجعل له لونا مُمَيَّزا ولكنه يسعى لتقليد السابقين، وأنا لا أعترف شخصيًّا بأي قارئ للقرآن يقلد حتى لو كان يقلدني أنا شخصيًّا، بل إنَّني أقدم نصيحةً لكل المبتدئين: بألَّا يقع أسيرًا للتقليد حتى لا يحفر قبره بيديه وينتهي وهو لم يبدأ.
ولكنْ هل انتهت المواهب بشكل قطعي بين القرَّاء الجدد أم أنَّ هناك بعض المقرئين يسيرون على درب القراء الأُول؟
رغم التراجع الكبير إلَّا أنَّ المواهب لم تنضب بشكل تام؛ مصداقًا لقوله تعالى {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، ولذا لا نجد بعض الأصوات الجيدة مثل: "الخشت" و"حجاج هنداوي" و"حلمي الجمل" و"فرج الله الشاذلي"...
وقد سعدت خلال الفترة الأخيرة عندما أبلغني "إسماعيل الشيشتاوي" رئيس الإذاعة المصرية بإعادة تفعيل دور لجنة الاستماع بالإذاعة لاختبار المقرئين، وفتح الباب واسعًا أمام اكتشاف المواهب، واستعادة مجد المقرئين المصريين.
ما قاله "الشيشتاوي" يفتح الباب غير أنَّه لا يؤثر في الواقع المصري الذي نضبت فيه المواهب، خصوصًا بعد إغلاق الكتاتيب؟!
لا شك أنَّ تراجع دور الكتاتيب قد أسهم في تراجع المواهب في مجال قراءة القرآن؛ لذا فأنا من هنا أناشد شيخ الأزهر ووزير الأوقاف إعادة الاعتبار لظاهرة الكتاتيب؛ باعتبارها رافدًا شديد الأهمية لاكتشاف مواهب جديدة يستكملون تجربة القرَّاء العظام.
على ذكر القرَّاء العظام، من هم أهم من استمتعت بقراءتهم لكتاب الله عز وجل؟
هناك ثلاثة من رموز القرَّاء وهم: الشيخ محمد رفعت، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ محمد صديق المنشاوي، فهؤلاء مَنْ أحرص خلال ختمي القرآن في الشهر ثلاث مرات سواء استماعًا أو قراءة أنْ أتلقَّى منهم التجليات العظيمة.
لا بد أنَّه- وبعد هذه التجربة الطويلة- تحتفظ بنصيحة لمن يريد أنْ يمتهن قراءة القرآن، ويسعى لتحقيق نجاحات ملحوظة في هذا المجال؟
عليه أنْ يحفظ القرآن على يد شيخ متخصص يعلمه كيف يقرأ ويجود؟ ولا يستمع إلى شرائط الكاسيت بهدف التعلُّم ويقلد مشايخها وينقلها نقل المسطرة، وأنْ يتخذ من آداب القرآن منهجًا في الحياة.
شياطين الإنس
من مجال قراءة القرآن ننتقل إلى المجال السياسي؛ حيث أبديت رأيًا في الرئيس المخلوع "حسني مبارك" أثار استياء جميع القوى الثورية والإسلامية، ومع ذلك داومت على تَكْرَاره والإشادة به؟!
"حسني مبارك" لم يكن سيئا كشخص كما يزعم البعض، ولكنه كان محاطًا بخمسة من "حاشية السوء"، الذين أفسدوا عليه حياته، وأسهموا في النهاية المهينة له بعد سقوط حكمه، وهم:
"زكريا عزمي"، و"سوزان مبارك"، ونجلاها "علاء وجمال"، والطَّبال "أحمد عز"؛ حيث كانت عصابة تحكم البلاد وتذل وتفقر العباد، و"حسني مبارك" في مرحلته الأولى كان يشعرك بالطيبة وبأخلاق الفلاح، ولكن وبعد عقود في الحكم أضاع كل شيء وسَلَّم البلاد لهذه العصابة وانقطع عن الشعب.
التقيت "مبارك" في عديد من المناسبات، فهل نقلت له وجهة نظرك في هذه العصابة حتى ولو بشكل غير مباشر؟
كان آخر لقاء لي معه قبل عدة أشهر من اشتعال الثورة وسقوط نظامه، وكنت ساعتها مشاركًا في اختبار المتقدمين في مسابقة "محمد علاء حسني مبارك" للقرآن الكريم، وبعد السلام عليه طلبت منه أنْ ينتبه لما يحدث في البلاد، ونقلت له شكوى المواطنين من الغلاء والفساد، فما كان منه إلَّا أنْ أومأ برأسه وأبلغني أنَّ الأمور تحت السيطرة؛ حيث كان عناده يفرض عليه تجاهل آراء الآخرين، وهو عناد دفع ثمنه بسقوط نظامه وسجنه في آخر عمره.
إذا كان هذا رأيك في "مبارك"، فكيف تُقيِّم أداء الرئيس "محمد مرسي" بعد 100 يوم من وصوله؟
الحكم على أداء "محمد مرسي" خلال مائة يوم أمر شديد الصعوبة، لاسيما أنَّه تسلَّم بلدًا يعاني صعوبات بالغة جدًّا، ويواجه مشكلات في كل المجالات، وأرى أنَّ الرئيس "مرسي" كان متسرعًا عندما ألزم نفسه بالمائة يوم، في وقت تحتاج مشاكل مصر لسنوات طوال.
وقد التقيت الرئيس "مرسي" خلال أدائه صلاة إحدى الجمع بمسجد "أبو بكر الصديق" ونقلت له وجهة نظري المتواضعة وقلت له:
"العاقل من اتعظ بغيره" وتابعت: "لا تعتمد فقط على آراء بطانتك، انزل للشوارع، واحتكَّ بالناس"، وقد تقبَّل الرجل النصيحة بصدر رَحْب.
التعليقات
إرسال تعليقك