التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
قصة تنصر السكران بن عمرو زوج سودة بنت زمعة، من القصص التي شاعت ولم تثبت في السيرة النبوية، ذلك أنه لم يرو فيها شيء صحيح، بل ولا ضعيف
وإن كانت شهرة قصة تنصر السكران بن عمرو دون قصة تنصّر عبيد الله بن جحش في أرض الحبشة، ذلك أنه لم يرو فيها شيء صحيح، بل ولا ضعيف - فيما أعلم.
ترجم للسكران بن عمرو الحافظ ابن حجر في (الإصابة في تمييز الصحابة) فقال: "السكران بن عمرو بن عبد شمس ... أخو سهيل بن عمرو، ذكره موسى بن عقبة في مهاجرة الحبشة، وكذا قال ابن إسحاق وزاد أنه رجع إلى مكة فمات بها، فتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- بعده زوجته سودة بنت زمعة ... وزعم أبو عبيدة (1) أنه رجع إلى الحبشة فتنصّر بها ومات، وقال البلاذري: الأول أصح، ويقال: إنه مات بالحبشة (2)".
وترجم له ابن عبد البر في (الاستيعاب) (3) ولم يذكر شيئًا عن تنصّره. وليس في سيرة ابن إسحاق ذكرٌ لردته عند الحديث عن: "تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة من مكة (4)" بل في حديثه عن "تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم-سودة بنت زمعة" قال -رحمه الله- بدون سند: "ثم تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد خديجة سودة بنت زمعة وكانت قبله عند السكران بن عمرو، أخي سهيل بن عمرو، وكان ابن عمها، تزوجها وهي بكر، فهاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم مكة فمات عنها مسلمًا بمكة فتزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم (5)".
وليس في ترجمته من (طبقات ابن سعد (6)) شيء عن ردّته، ولا عند ذكر سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - في أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- (7). ولم يشر إلى شيء من ذلك الذهبي في (السير) ولا تلميذه ابن كثير في (البداية والنهاية) -رحمه الله- وقال الطبري -رحمه الله- في تاريخه: "ذكْرُ الخبر عن أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم" ... "وأما سودة فإنها كانت امرأة ثيبًا، قد كان لها قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- زوج، وكان زوجها قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- السكران بن عمرو بن عبد شمس - وكان السكران من مهاجرة الحبشة فتنصّر ومات بها (8)" ولم يذكر -رحمه الله- سندًا لذلك.
وساق ابن الأثير عن ابن الكلبي خبر تنصره (9)، والكلبي متروك.
وما ذكره الحافظ في (الإصابة) عن أبي عبيدة في تنصّر السكران، لم أجده في مظنته، وهو كتاب: (أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأولاده) (10) لأبي عبيدة معمر بن المثني، حيث لم يذكر شيئًا عن ردة السكران، عند حديثه عن سودة بنت زمعة - رضي الله عنها.
المصدر:كتاب: ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية
(1) مَعْمَر بن المثني (ت 209 هـ).
(2) الإصابة (2/ 57).
(3) بهامش الإصابة (2/ 124).
(4) سيرة ابن إسحاق، تحقيق محمَّد حميد الله (ص 156).
(5) ص 238. تحقيق حميد الله.
(6) 4/ 204.
(7) 8/ 52.
(8) تاريخ الطبري (12/ 211).
(9) الكامل في التاريخ (2/ 209).
(10) أبو عبيدة معمر بن المثني: أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأولاده، تحقيق يوسف بديوي، طبع دار مكتبة التربية، بيروت، 1410 هـ.
التعليقات
إرسال تعليقك