التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
استهلت حماة تاريخها الحديث بثورات وانتفاضات شعبية متتالية ضد الاستعمار الفرنسي، وكان لها مواقف رائعة .. فما تاريخ حماة في العصر الحديث ؟ وما سر حقد الأسد
استهلت حماة تاريخها الحديث بثورات وانتفاضات شعبية متتالية ضد الاستعمار الفرنسي، وكان لها مواقف رائعة في البطولة والتضحية، وتقديم مواكب الشهداء من فلذات كبدها على مدى ربع قرن من الزمان، لا سيما دورها في الثورة السورية الكبرى 1925م التي قامت في جبل العرب وغوطة دمشق، وكان نصيب حماة أن قصفت بالطائرات، وسقط فيها 1500 مواطن بين قتيل وجريح. وكانت قمة عطائها في معارك الجلاء عام 1945م، حين أوسعها الفرنسيون ضربًا وعدوانًا.
ثم كان استقلال القطر العربي السوري عام 1946م بداية فعليَّة لعهد جديد من الكفاح الشعبي من أجل الحرية والانعتاق من إسار التركة الاستعمارية، ليكون استقلالاً حقًّا بعيدًا عن كل ألوان التبعية الفكرية والروحية والاقتصادية والسياسية. وظل هذا الكفاح في تصاعده إلى أن انتهى إلى قمة الصراع مع نظام الطاغية حافظ الأسد؛ ذلك السفّاح الذي أمر بإحراقها وتدميرها على رءوس ساكنيها، كما فعل بها من قبل الطاغية الفارسي قورش، والطاغية هولاكو..!
ولكن ما فعله بها السفاح الأسد فاق ما فعله الطاغيتان: قورش وهولاكو أضعافًا مضاعفة، بما أنزله بها من دمار وخراب وتمثيل حاقد بالأحياء والأموات شيوخًا وأطفالاً ونساء، من المواطنين ومن الموالين له من الحزبيين المنتفعين.
حماة .. جهاد دائم
قاومت حماة الاستعمار الفرنسي مقاومة عنيفة بقيادة علماء أجلاء، ووطنيين مخلصين، من أمثال فوزي القاوقجي، وسعيد العاص، والدكتور صالح قنباز عضو المجمع العلمي العربي بدمشق، الذي قتله الفرنسيون.
وعندما غزا الصهاينة فلسطين، وأرادوا أن يقيموا دولة لهم على أرضها، هبَّ أبناء حماة بقيادة القاوقجي للدفاع عن عروبتها وإسلامها، ملبين نداء الجهاد المقدس لصدِّ الغزاة المعتدين.
وبعد انقلاب آذار/مارس عام 1963م استطاع الطائفيون التسلل إلى الجيش السوري، وإلى مراكز القوة في الوزارات والمؤسسات، وتمكنوا من ضرب القوى الوطنية كافة، وأخرجوها من الساحة السياسية، وسلبوها كل قوَّة مؤثرة لها في الجيش.
وقد أدرك أولئكم الطائفيون خطورة مدينة حماة، واعتبروها قلعة منيعة تقف في مواجهتهم بما لها من ماضٍ جهادي، وبما يتميز به أهلوها من غيرة على الدين وتشبُّث بالقيم، واندفاع في القتال ضد كل من تسول له نفسه المساس بالحرمات، فقرروا تدميرها مهما كلفهم هذا التدمير من ثمن، فرسموا مخططًا خبيثًا لإبادتها وإبادة شعبها الحر المكافح، وإبادة أي مدينة تنهض لمساندتها.. وذلك عن طريق الاستفزازات والتحرُّشات.
ففي عام 1964م دفع الطائفيون مخلب القط عبد الحليم خدام ليكون محافظًا لمدينة حماة، وطلبوا منه تنفيذ مخططهم اللئيم، فتصرف تصرفات استفزازية تحدَّى بها مشاعر أبناء المدينة، أدَّت إلى صدامات دموية، أودت بحياة العشرات من طلاب المدارس، واعتقل المئات، وضُرب جامع السلطان، وهُدمت مئذنته، وكانت فتنة كبيرة! كان مقدرًا لها تدمير المدينة على أيدي الطائفيين، لولا تدخُّل عقلاء المدينة، وعلى رأسهم الشيخ محمد الحامد -رحمه الله تعالى- للكف عن ضرب المدينة، ولإطلاق سراح المعتقلين.
ومن خلال هذه الأحداث الدموية، تبدت نيات الطائفيين الذين لم يستطيعوا كتم عدائهم الشديد، وأحقادهم الدفينة على مدينة حماة وأبنائها.
مروان حديد .. الفارس الشهيد
أفرزت الأحداث الدموية تلك عام 1964م زعيمًا شعبيًّا قاد المعارضة بقوَّة وحماسة، وهو الشيخ المهندس الزراعي مروان حديد، ذلك الشاب الذي كان يتوقد حماسة وحيوية وغيرة على الدين والقيم، فقررت السلطة الباغية تصفيته، فأوعزت إلى أجهزتها القمعية وعملائها السريين للتفتيش عنه، حتى عثرت عليه عام 1975م في حي العدوي بدمشق.
وتمكنت من اعتقاله بعد معركة دامت عدة ساعات، أبلى فيها بلاءً مرًّا، ولم يتمكن المداهمون منه إلا بعد أن جرح وأغمي عليه. وبعد اعتقاله قررت السلطة القضاء عليه بالموت البطيء، فقاموا بتعذيبه أشد أنواع التعذيب، وتحت إشراف الطبيب الطائفي محمد شحادة خليل، الأمر الذي أدى إلى نقصان وزنه نقصانًا مريعًا، فبعد أن كان وزنه يزيد على مائة كيلو جرام نزل إلى خمسة وثلاثين! وكان استشهاده بإبرة مسمومة، زعموا بعدها لأهله أنه مات موتًا طبيعيًّا.
لقد كان استشهاد مروان حديد مُقدِّمة مثيرة، حرَّكت الشباب واستجرته إلى ما كان الطائفيون يريدونه ويخططون له، حتى وقعت الواقعة.
المصدر: كتاب (حماة مأساة العصر).
التعليقات
إرسال تعليقك