القاهرة هي عاصمة مصر، وواحدة من أهم مراكز الحياة الدينية والثقافية والسياسية للعالم الإسلام، وتعد منذ إنشائها قبل أكثر من ألف عام المركز الرئيسي للحضارة العربية الإسلامية
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
وُصِف آدم بالاستخلاف في سورة البقرة لأن السورة تتحدَّث عن بناء الدولة المسلمة، وخلافة أمة الإسلام لأمة في قيادة البشرية.
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].
ماذا تعني كلمة خليفة؟ خليفة مَنْ؟ دراسة هذا المعنى يمكن أن يوضِّح طرفًا من مهمة الإنسان على الأرض، يمكن فهم المقصود من الكلمة بمراجعة ورود اللفظ في القرآن والسُّنَّة.
ورد جِذْر كلمة خليفة في القرآن 22 مرة، والمعاني التي يمكن أن تأتي منها كالآتي:
أولًا: خلافة الغير في الوجود بسبب إفساد السابقين ومن ثم هلكتهم:
قال هود عليه السلام لقومه محذِّرًا: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} [الأعراف: 69]، فقوم نوح أفسدوا فأُهْلِكوا، وجاء قوم هود خلفاء.
إذن آدم عليه السلام وذريته سيخلفون "خلقًا" آخر كان يعيش في الأرض، بصرف النظر عن طبيعة هذا الخلق، ولكنه كان خلقًا مُفْسِدًا فلذلك تمَّ استبداله (عودوا لحلقة مَنْ سكن الأرض قبل آدم عليه السلام)
إذن من مهام الإنسان: الإصلاح في الأرض، لأن الله ذهب بالسابقين المفسدين، وأتى بالصالحين المصلحين، فإذا أفسدوا استخلف غيرهم.
ولذا وُصِف آدم بهذا الوصف في سورة البقرة، وهي المرة الوحيدة في القرآن التي يشير فيها الله إلى استخلاف آدم في الأرض لأن السورة تتحدَّث عن بناء الدولة المسلمة، وخلافة أمة الإسلام لأمة بني إسرائيل في قيادة البشرية، وبيان أن هذا بسبب فساد بني إسرائيل.
من العجيب أن نجد أن سورة البقرة أكثر سور القرآن اهتمامًا بمسألة الإفساد في الأرض؛ فجِذْر الفعل "فسد" تكرر في السورة تسع مرات (ورد في القرآن كله 50 مرة 18%)، وهي بذلك أكثر سور القرآن احتواءً لهذا التعبير.
إفساد بني إسرائيل، {.. وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60]
وإفساد الذين في قلوبهم مرض، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 11، 12]
وسورة البقرة كذلك أكثر السور تكرارًا لجذر الإصلاح: تكرر بها سبع مرات (جاء في القرآن أربعين مرة 17.5%)، وفيها {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220].
ثانيًا: الإنسان سيخلف بعضه بعضًا إلى ما شاء الله:
سيكون من طبيعة الإنسان الموت والذهاب، فلا ينبغي الفتنة بفكرة الخلود التي تدعو إلى الطغيان، وتدعو إلى نسيان الشريعة تبعًا لنسيان الموت ومن ثم البعث والحساب.
إذن لابد للإنسان أن يستحضر أنه يغادر هذه الأرض "ليخلفه" غيره.
{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ} [الأنعام: 133]، ولا ينبغي له أن يشعر بإحساس الخلود: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: 34].
ثالثًا: يأتي أيضًا بمعنى القيادة والتحكُّم:
{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26]
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 55].
وفيه احتياج البشر للحياة في مجتمع له قائد، ومن هنا اصطلح الصحابة على تسمية حاكم المسلمين بعد رسول الله r بالخليفة أي خليفة رسول الله r.
وقال عمر عند استشهاده: "أُوصِي الخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْرًا..".
رابعًا: ليس المقصود خلافةَ اللهِ تعالى:
الخليفة يخلف غيره في الأمر: يقوم بأعماله في غيابه، أو يكون بدلًا منه بالكلية، فهذا لفظ يوحي بالنقص والعجز، ويشير إلى الاحتياج؛ ولذا لا يجوز في حقِّ الله تعالى، ولذلك استنكر الصالحون هذا المعنى لهذه الكلمة: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ، فَقَالَ: لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللَّهِ، وَلَكِنِّي خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ (مسند أحمد، والحديث ضعيف لانقطاعه، لأن ابن أبي مليكة لم يدرك أبا بكر)
وَقَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ، فَقَالَ: وَيْحَك لَقَدْ تَنَاوَلْتَ مُتَنَاوَلا بَعِيدًا.
والصواب هو العكس، فالله هو الذي يخلف الإنسان، وليس الإنسان هو الذي يخلف اللهَ، ولذا نقول في دعاء السفر: روى مسلم عن ابن عمر: "اللهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ..". فالمسافر ترك أهله الذين كان يعولهم آملًا أن يرعاهم الله في غيابه.
لطيفة لغوية:
قال القرطبي: الْخَلَفُ (بِالتَّحْرِيكِ) مِنَ الصَّالِحِينَ (المأثور هو ما ورث الخَلَفُ عن السَّلَف)، وَبِتَسْكِينِهَا مِنَ الطَّالِحِينَ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]، وكذلك: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} [الأعراف: 169][1].
[1] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك