تقع نجران في جنوب الجزيرة العربية تجاه اليمن، وقد أرسلوا وفدًا كبيرًا من أشرافهم إلى الرسول، ودخلوا معه في جدالٍ طويل، وانتهى الأمر برفضهم الإسلام.
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
جاءت في سورة البقرة خمس قصص إحياء بعد الموت من أصل ستة في القرآن الكريم، أي بنسبة 83.3 %، وهي نسبة كبيرة.
جاءت في سورة البقرة خمس قصص إحياء بعد الموت من أصل ستة في القرآن الكريم، أي بنسبة 83.3 %، وهي نسبة كبيرة، وهذه القصص هي:
1- إحياء 70 من بني إسرائيل بعد أن أخذتهم الصاعقة
2- إحياء قتيل بني إسرائيل ليخبر عن قاتله
3- إحياء أهل قرية خرجوا فرارًا من الموت
4- إحياء الرجل الذي تعجَّب من إحياء قرية، ومعه إحياء حماره
5- إحياء الطير في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام
إن هذه الكثافة لذكر قصص إحياء الموتى في سورة البقرة أمرٌ لافت للنظر حقًّا! خاصة أن هذه القصص -باستثناء الأولى وردت مرة أخرى في النساء- لم يَرِدْ ذِكْرُها في مواطن أخرى من القرآن الكريم. يُلاحَظ أيضًا أن السورة لم تُشِر إلى إحياء عيسى عليه السلام للموتى بإذن الله.
أولًا: لماذا هذا التكرار لقصص الإحياء في سورة البقرة؟ ولابد لفهم ذلك أن ندرك الظرف التاريخي الذي نزلت فيه سورة البقرة، فمعظم سورة البقرة نزل في أول العهد المدني، وكان لها أهداف كثيرة؛ ومن أهمها ثلاثة:
1- الأيام الأولى من حياة الدولة المسلمة تحتاج إلى تربية المجتمع المسلم على التقوى، ومراقبة الله تعالى، فهذا هو الذي يصلح معه تطبيق التشريع الإسلامي.
2- محاجاة الكفار، وهم العرب جميعًا تقريبًا، وخاصة قريش، المعاندين لإقامة هذه الدولة.
3- محاجاة اليهود المتواجدين بكثافة في المدينة آنذاك، وهذا تمهيد لتسليم قيادة العالم الدينية للمسلمين بدلًا من بني إسرائيل.
إذا فهمنا هذه الأهداف أدركنا إجابة السؤالين اللذين ذكرناهما
أولًا: إيمان المسلمين بالبعث له أهميته القصوى في بناء الأمة الجديدة، فاليقين في الوقوف بين يدي الله للحساب يوم القيامة سيرفع درجة التقوى، ومن ثم يمكن للدولة أن تنجح في تطبيق شريعة الله بشكل أفضل.
ثانيًا: محاجاة الكفار بلفت النظر إلى قصص الإحياء أمر مهم جدًّا، فالقادر على الإحياء والإماتة مستحقٌّ للعبادة؛ ولذا نجد في السورة نفسها قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 28]، فصار الكفر بالله بعد إحيائه للموتى أمرًا عجيبًا حقًّا!
ثالثًا: تأتي القصص كتذكير مهمٍّ لبني إسرائيل بقوة الله تعالى، وقدرته على الإحياء بعد الموت، فهم يعرفون هذه القصص الخمس، وحيث أنهم هم المعنيون الآن بالخطاب في هذه المرحلة التاريخية كانت هذه القصص لإقامة الحجة عليهم، ولعلهم يهتدون!
إن انفلات بني إسرائيل في الأساس كان لنسيانهم مسألة "البعث" يوم القيامة:
· ولذا قال لهم الله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48]،
· وكرَّر هذا التذكير كثيرًا في السورة بطرق مختلفة، ولقد أَحْصَيْتُ عدد المرات التي ذَكَّرَ اللهُ فيها بني إسرائيل بالبعث، ويوم القيامة، والحساب، والجنة، والنار، فوَجَدْتُها جاءت بشكل مباشر عشرين مرة كاملة!
· هذا غير المرات التي يُفْهَم منها بشكل غير مباشر حدوث العقاب يوم القيامة للمخالفين عن أمره تعالى!
· مع العلم أن هذا الإحصاء يخصُّ تذكير "بني إسرائيل" فقط، ولم أُدْرِج فيها تذكير اللهِ للمسلمين باليوم الآخر، أو تذكير اللهِ للناس بشكل عام!
· إن هذا الاحتفال الكبير بهذه المسألة يثبت أنها ركنٌ أساس في بناء الأمة الجديدة التي ينبغي عليها أن تتجنب أخطاء الأمة المستبدَلة.
ثانيًا: لماذا خلت السورة من الحديث عن قصة عيسى عليه السلام، مع أنه ذُكِرَ في السورة ثلاث مرات، لكن كلها جاءت دون الإشارة إلى إحيائه الموتى بإذن الله؟
السرُّ وراء ذلك يكمن في أن الله أراد أن يغلق باب الجدل العقيم مع بني إسرائيل في المدينة آنذاك. إن الآيات نزلت في صدر العهد المدني، وهي معنيَّة بجدال اليهود، فجاء الله لهم بقصص الإحياء التي يؤمنون بها، فكانت أربع قصص من قصص بني إسرائيل بالإضافة إلى قصة من قصص إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهم يؤمنون به ويوقِّرونه. هذا أبلغ في إفحامهم بالحجة. أما لو جاء لهم بقصة عيسى عليه السلام فسيُعلِنون كفرهم به، وكفرهم بإحيائه للموتى بإذن الله، ولقد أكَّد اللهُ في السورة ذاتها على كفر بني إسرائيل بهذا النبي العظيم فقال: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87]. إن اليهود في حال ذكر عيسى عليه السلام سيتركون كل القصص الأخرى ويجادلون في أمره فقط، فلذلك تَرَكَ اللهُ الحديثَ عنه في هذه السورة ليُغْلِق باب الجدل معهم.
هذا هو المنطق نفسه الذي استخدمه إبراهيم عليه الصلاة والسلام في محاجاته للملك؛ فقد زَعَمَ الملِكُ أنه قادرٌ على الإحياء والإماتة، فتَرَكَ إبراهيم عليه الصلاة والسلام المسألة برمَّتها وقال له: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258].
من الملاحظات المهمة في السورة:
1- تكرار لفظ الإحياء في سورة البقرة بشكل كبير، فقد وَرَدَ فيها تسع مرات، وهذه أكبر نسبة تكرار في القرآن كله، وهي الثامنة من ناحية الكثافة بالنسبة لعدد الآيات،
2- جاء في السورة أيضًا الحديث عن إحياء الأرض بعد الموت، وهي الظاهرة التي يراها الناس جميعًا. قال تعالى: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 164]، فصارت هذه الصورة مُكَمِّلة لقصص الإحياء[1].
[1] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك