التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
تكرر حصار قيسارية عدة مرات منذ بداية الفتح، ولم يتمكن المسلمون من فتحها لحصانتها، وقوة الحامية الرومانية بها.
تكرَّر حصار قيساريَّة عدَّة مرَّاتٍ منذ بداية الفتح، ولم يتمكَّن المسلمون من فتحها لحصانتها، وقوَّة الحامية الرومانيَّة بها، وكذلك لكون المدد يأتيها من البحر، وقد تمسَّك بها هرقل لتكون نقطة انطلاقٍ إلى الشام إذا توفَّرت الظروف. وعلى الرَّغم من أنَّ عدد الجنود الرومان في قيساريَّة فاق مائة ألف، فإنَّهم لم يخرجوا لحرب المسلمين أثناء طاعون عمواس، بل على العكس حاصرها يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهما -بأمرٍ من عمر رضي الله عنه- عندما استُخْلِف على الشام بعد وفاة أبي عبيدة ومعاذ رضي الله عنهما[1]، ثم حاصرها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما بأمرٍ من أخيه يزيد رضي الله عنه[2]، ثم عندما آلت ولاية الشام إلى معاوية رضي الله عنه بعد موت يزيد رضي الله عنه استمر في حصارها بنفسه -وذلك بأمرٍ مباشرٍ من عمر رضي الله عنه- لخطورة أمرها.
قال الطبري: وَكَانَ كِتَابُ عُمَرَ رضي الله عنه إِلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ قَيْسَارِيَةَ، فَسِرْ إِلَيْهَا وَاسْتَنْصِرِ اللهَ عَلَيْهِمْ، وَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ، اللهُ رَبُّنَا وَثِقَتُنَا وَرَجَاؤُنَا وَمَوْلانَا، نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ. وَسَارَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه فِي جُنْدِهِ حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَهْلِ قَيْسَارِيَةَ وَعَلَيْهِمْ أبنى، فَهَزَمَهُ وَحَصَرَهُ فِي قَيْسَارِيَةَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ جَعَلُوا يُزَاحِفُونَهُ، وَجَعَلُوا لا يُزَاحِفُونَهُ مِنْ مَرَّةٍ إِلا هَزَمَهُمْ وَرَدَّهُمْ إِلَى حِصْنِهِمْ، ثُمَّ زَاحَفُوهُ آخِرَ ذَلِكَ، وَخَرَجُوا مِنْ صَيَاصِيهِمْ، فَاقْتَتَلُوا فِي حَفِيظَةٍ وَاسْتِمَاتَةٍ، فَبَلَغَتْ قَتْلاهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ ثَمَانِينَ أَلْفًا، وَكَمَّلَهَا فِي هَزِيمَتِهِمْ مِائَةَ أَلْفٍ[3].
اختلف المؤرِّخون في توقيت هذا الفتح، والأرجح أنَّه في العام التاسع عشر من الهجرة بعد انتهاء كابوس طاعون عمواس، وبه انتهت أحداث الشام في عهد عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، ولم تتبقَّ في الشام مدينةٌ تابعةٌ للرومان إلَّا طرابلس فقط، وسيتمُّ فتحها في عهد عثمان بن عفَّان رضي الله عنه، أمَّا عمر رضي الله عنه فسوف يوجِّه اهتمامه في المرحلة القادمة لفتح مصر، هذا بالإضافة إلى أعمال فتوح فارس التي كانت مستعرة في ذلك الوقت أيضًا.
[1] ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 3/1416.
[2] البَلَاذُري: فتوح البلدان، ص142.
[3] الطبري: تاريخ الرسل والملوك (دار التراث)، 3/604.
التعليقات
إرسال تعليقك