“Les minorités non-musulmanes, notamment les chrétiennes, jouirent
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
من الأوصاف التي عَرَّف الله تعالى نبيَّه محمدًا ﷺ أنَّه صاحب أهل مكة، إنَّه وصفٌ جميل، وفي الوقت ذاته هو وصفٌ مفحمٌ للمشركين!
وصفه بأنه «صاحب» أهل مكة:
من الأوصاف التي عَرَّف الله تعالى نبيَّه محمدًا ﷺ أنَّه صاحب أهل مكة، وذلك في أربع آيات، وكلِّها في مواقف الردِّ على شبهات المشركين الذين يفترون على رسول الله ﷺ اتهاماتٍ لا أصل لها. جاء هذا في قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ: 46]، وقوله تعالى: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾ [النجم: 2]، وقوله: ﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ﴾ [التكوير: 22]، وقوله أيضًا: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [الأعراف: 184]، وكلُّها آياتٌ مكيَّة كان يخاطِب بها اللهُ تعالى مشركي قريش.
إنَّه وصفٌ جميل، وفي الوقت ذاته هو وصفٌ مفحمٌ للمشركين!
وجمال الوصف في أنَّه يُشعر السامعين بقرب الرسول ﷺ إليهم، ومِنْ ثَمَّ فهو لا يريد الشَّرَّ بهم؛ إنَّما يفعل معهم كما يفعل الصاحب مع صاحبه؛ من نصحٍ أمين، وإرشادٍ صادق.
ووجه إفحامه أنَّ كلمة الصاحب تعني الملازم للآخر فترةً طويلة؛ فالرسول ﷺ كان ملازمًا للمشركين أربعين سنةً كاملةً قبل أن يُوحَى إليه، وظلَّ ملازمًا لهم بعد الوحي في البلد نفسه، فهل في كلِّ هذه الملازمة الطويلة لاحَظَ أحدٌ عليه مظاهر الجنون، أو الغواية، أو الضلال؟
إنَّ سيرة الرسول ﷺ في قومه في الفترة التي سبقت نبوَّته، وهي فترةٌ طويلةٌ، وكافيةٌ تمامًا للحكم على الأشخاص، تُثبت بما لا يدع مجالًا للشكِّ أنَّ الرسول ﷺ لا يكذب، وليس مجنونًا، ولا يعرف الغواية، ولا يبحث عن الضلال؛ فكانت هذه «الصحبة» لأهل مكة أحد الأدلَّة الكبرى لنبوَّته. لهذا يأمر الله تعالى نبيَّه محمدًا ﷺ أن يُجابه المشركين بهذه الحقيقة المفحِمة فيقول في القرآن: ﴿قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [يونس: 16]. إنَّ المنطق العقليَّ يتطلَّب الاعتراف بأنَّ هذا وحيٌّ من عند الله؛ فالعمر الطويل الذي قضاه رسول الله ﷺ بين أظهر المشركين دليلٌ على جِدَّة هذا القرآن، فإنَّه -ﷺ- لم ينطق بكلمةٍ منه، أو تشبهه، في كلِّ هذه المدَّة الكبيرة.
ومن هذا المنطلق جاءت آياتٌ أخرى في القرآن تلفت أنظار المشركين إلى أنَّ هذا الرسول الكريم ﷺ «منهم»، وهذا يحقِّق فائدتين: الأولى أنَّهم يعرفونه جيِّدًا، فلا معنى لتكذيبه وهو أصدقهم، ولا معنى لاتِّهامه بالجنون وهو أعقلهم، ولا معنى لادِّعاء أنَّه شاعرٌ أو ساحر، وهو لم يمارسهما قبل ذلك قطٌّ. أمَّا الفائدة الثانية فهي لَفْتُ نظر مشركي مكة أنَّ علوَّ شأن الرسول ﷺ ونصره على أعدائه سيعود بالخير على أهل مكة كلِّها لكونهم قومه وعشيرته. من هذا النوع من الآيات ما جاء في قوله تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ﴾ [يونس: 2]، وأيضًا في قوله تعالى: ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾ [ص: 4]، وكذلك في قوله تعالى: ﴿بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ [ق: 2]، وبيَّن مجدَ قريش إذا اتَّبعت النبيَّ ﷺ فقال: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: 44].[1].
[1] انظر: د. راغب السرجاني: من هو محمد، دار التقوى للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1442= 2021م، ص42- 43.
التعليقات
إرسال تعليقك