شكلَّت الطواعين والأوبئة تهديدًا كبيرًا للحضارات الإسلامية في العصور المختلفة، تاركة وراءها آثارًا سلبية على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والعمراني.
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
على الرغم مما اشتهر به العرب قبل الإسلام من عباداتهم وتقديسهم للأصنام، إلا أنَّه كان منهم من سخر من هذه العبادة وأخذ يلتمس الصواب في الدين.. وهؤلاء هم من
الحنفاء جمع كلمة حنيف وتعني الانصراف عن الضلال والميل والاتجاه إلى الحق قال تعالي {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} [الروم: 30]، والدين الحنيف: المستقيم الذي لا عوج فيه[1]، وقد سمي دين إبراهيم عليه السلام حنيفًا لاستقامته[2]، وعلى الرغم ما أشتهر به العرب قبل الإسلام من عباداتهم وتقديسهم الهائل للأصنام وطوافهم حولها، إلا أنَّه كان منهم من سخروا من عبادتهم وأخذوا يلتمسون الصواب في الدين.
وقد حكى ابن هشام عن أربعة منهم هم: ورقة بن نوفل، وعبيد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث، وزيد بن عمرو بن نفيل، حيث أنهم اجتمعوا في عيد لهم عند صنم من أصنامهم، فقال بعضهم لبعض: تعلموا والله ما قومكم على شيء، لقد أخطئوا دين أبيهم إبراهيم، ما حجر نُطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع؟!، يا قوم التمسوا لأنفسكم دينًا، فإنكم والله ما أنتم على شيء، فتفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام[3].
وقد ذُكر أن عدد هؤلاء الحنفاء أكثر من ذلك، حيث جاء في بعض المصادر أنهم: قس بن ساعدة الإيادي، وزيد بن عمرو بن نفيل، وأمية بن أبي الصلت وأرباب بن رئاب، وسويد بن عامر المصطلقي، وأسعد أبو كرب الحميري، ووكيع بن زهير الإيادي، وعمير بن جندب الجهني، وعدي بن زيد العبادي، وأبو قيس صرمة بن أبي أنس، وسيف بن ذي يزن، وورقة بن نوفل القرشي، وعامر بن الظرب العدواني، وعبد الطانحة بن ثعلب بن وبرة بن قضاعة، وعلاف بن شهاب التميمي، والملتمس بن أمية الكناني، وزهير بن أبي سلمى وخالد بن سنان العبسي، وعبد الله القضاعي، وعبيد بن الأبرص الأسدي، وكعب بن لؤي بن غالب[4].
وعلى كل حال وصل فكر هؤلاء النفر إلى أنَّ ما عليه قومهم ليس شيئًا يذكر، وأن دين الله الحق هو من نوع ما جاء به إبراهيم فبحثوا عنه، وانتظروا في الوقت نفسه رسولًا يبعثه الله إليهم، وقد انتشر هذا الفكر بين عدد من العرب مع اختلاف طرقهم التي سلكوها بعد ذلك، فمنهم من لم يهتد إلى شيء محدد حتى مات كـزيد بن عمرو بن نفيل، ومنهم من تنصر وقرأ كتب النصرانية كورقة بن نوفل، ومنهم من بقي على فكره حتى جاء الإسلام وأسلم كـعبيد الله بن جحش[5].
[1] أحمد مختار عمر: معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1429هـ= 2008م، 1/ 573.
[2] القرطبي: تفسير القرطبي، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، 1384هـ= 1964م، 2/ 140.
[3] ابن هشام: السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الثانية، 1375هـ= 1955م، 1/ 223.
[4] الدكتور جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، دار الساقي، الطبعة الرابعة 1422هـ= 2001م، 12/ 39.
[5] أحمد أحمد غلوش: السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1424هـ= 2003م، ص50.
التعليقات
إرسال تعليقك