ملخص المقال
دين الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله عز وجل لجميع البشر منذ أن خلق آدم إلى أن تقوم الساعة.. فما بعض محاسن هذا الدين العظيم؟
دين الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله عز وجل لجميع البشر منذ أن خلق آدم إلى أن تقوم الساعة، وهو دين الأنبياء والمرسلين جميعًا، وهو الدين الذي لا يقبل الله من الإنسان أن يتعبده إلا به.
فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وإن اختلفت شرائهم فدينهم واحد؛ لأن مصدره واحد، وهدفه واحد، وهو توحيد الله عز وجل وإفراده بالعبادة.
وإن آخر الشرائع التي أنزلها الله تبارك وتعالى على خلقه هي شريعة الإسلام التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه، وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
ولما كان هذا الدين هو خاتمة الرسالات إلى البشر من عند الله تعالى؛ كان جديرًا أن يكون مشتملاً على تحقيق مصالح الخلق إلى قيام الساعة، ومحققًا لحاجيات الدين والدنيا معًا، وكيف لا يكون كذلك وهو تنزيل من رب العالمين الذي يعلم حقيقة الخلق وما يحتاجون إليه؛ إذ هو خالق الخلق ومدبر الأمر، وعالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير.
ولقد استقرأ علماء الإسلام هذا الدين، محاولين جمع بعض ما ظهر لهم من محاسن وما اشتمل عليه من الكمالات؛ لأن حقيقة الأمر أن هذا الدين ما دام منزلاً من عند الله فلا ريب عند المؤمن بأنه لا نقص فيه بوجه من الوجه؛ فهو كامل من كل ناحية، وتام في جميع جوانبه؛ لأن الله عز وجل قد رضيه دينًا لعباده المؤمنين إلى قيام الساعة، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
وهذه إشارات سريعة إلى ذكر بعض محاسن هذا الدين القويم؛ لأن هذه الأسطر لا تكفي لذكر أكثر المحاسن الجليلة، والمناقب العظيمة للإسلام.
- فمن محاسنه أنه حرر الإنسان من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد، فلم يستعبده لأحد إلا لله؛ فلا يعبد المسلم ولا يسجد ولا يركع ولا يخاف ولا يرجو إلا الله تعالى؛ فعبادة الله تعالى وإفراده بالتوجه والقصد هو مقصد الإسلام الأعظم، ومداره الأكبر، بل هو العلة من إيجاد الخلق، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
- من محاسن الإسلام أنه ساوى بين المسلمين؛ فلا فضل لعربي على عجمي، ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى، وأبطل المعايير الجاهلية التي يتفاخر بها الناس؛ كالجاه والمال والمنصب والسلطة، فقد صح في الحديث أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ فَخْرَهُمْ بِرِجَالٍ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عِنْدَ اللهِ مِنْ عِدَّتِهِمْ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتَنَ».
- من محاسن الإسلام أنه أمر بالتكافل بين المسلمين، كما حض على الإحسان إلى الخلق عمومًا، فقد صح في الحديث أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
- من محاسن الإسلام أنه أمر ببر الوالدين اللذين هما سبب وجود الولد في هذه الحياة، فقد قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 14، 15].
- من محاسن الإسلام أنه نهى عن أذية الجار؛ لما له من أهمية ومكانة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يؤمن والله لا يؤمن». قيل : ومن يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه».
- من محاسن الإسلام أنه أمر بالأمر بالمعروف وأمر بالنهي عن المنكر؛ لأن الإسلام يقصد بقاء المجتمعات نظيفة من المنكرات، كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].
- من محاسن الإسلام أنه حرر العباد من هيمنة الخرافة والسحر والدجل والشعوذة؛ فلا مكان لهذه الأساطير الباطلة في الإسلام؛ لأن هذه العلوم تهدم ولا تبني، وضررها أعظم من نفعها، كما قال تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102]. وقال تعالى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69].
- من محاسن الإسلام أنه أمر بالإحسان إلى الحيوان فضلاً عن الإنسان؛ لأن الإسلام يهدف إلى استمرار الحياة وعمارتها على ما يريد الله عز وجل؛ ففي الحديث الصحيح أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي. فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ».
- من محاسن الإسلام أنه نهى عن الاشتغال بالكذب والخيانة وأمر بالوفاء بالعقود والعهود، كما قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [النحل: 91، 92]. وفي الحديث الصحيح: أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ؛ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ».
- من محاسن الإسلام أنه أمر بكل ما يزيد الألفة كالصدقة والصلة وبشاشة الوجه، ونهى عن كل ما يزيد الفرقة والشقاق كالغيبة والنميمة وإساءة الظن بالآخرين والاستهزاء بهم، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12].
- من محاسن الإسلام أنه أمر بالتجمل والتزين ولبس الجميل من الثياب، وأمر بالاعتناء بالنفس وتهذيبها، لا كما عند بعض الأديان الباطلة من إهانة النفس وتنجيسها واعتبار ذلك من القربات؛ فقد أمر الله عز وجل بأخذ الزينة عند إرادة الوقوف بين يديه في الصلاة، وفي خارجها أيضاً، حيث قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 31، 32].
- من محاسن الإسلام أنه نهى عن الإسراف والتبذير، واعتبرهما من صفات الشيطان العدو اللدود؛ حيث قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، وقال تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26، 27].
هذه جملة يسيرة ضئيلة جدًّا في بحر محاسن الدين الإسلامي؛ لأنه حسن كله، ومشتمل على ما يحتاجه العباد من كمالات لتستقيم حياتهم على أكمل وجه؛ ليوصلهم إلى دار السلام.
المصدر: موقع السكينة.
التعليقات
إرسال تعليقك