الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
بيعة العقبة الثانية تمثل الدقة والاحتياط، وأخذه بالأسباب إلى آخر مدى؛ فقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسباب كثيرة بغية تأمين هذا اللقاء المحوري
أهم مقتطفات المقال
وفي رواية: كَانَ الْعَبَّاسُ آخِذًا بِيَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُوَاثِقُنَا، فَلَمَّا فَرَغْنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَخَذْتُ وَأَعْطَيْتُ». قَالَ: فَسَأَلْتُ جَابِرًا يَوْمَئِذٍ: كَيْفَ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعَلَى المَوْتِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ
لقد جاء موسم الحج في العام الثالث عشر من النبوَّة يحمل الخير كلَّه؛ لقد جاء وفدٌ مسلمٌ كبيرٌ من يثرب بغية لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا اللقاء سيتم الاتفاق على الشروط والآليَّات التي ستقود في النهاية إلى إنشاء الدولة الإسلاميَّة الأولى في التاريخ!
وأرى أنَّه من الأفضل قبل التعليق على ما جرى في هذه المباحثات المهمَّة أن نقرأ الروايات المختلفة التي جاءت في هذا الأمر، ثم نُفَصِّل بعدها في التعليقات..
وتُعَدُّ رواية كعب بن مالك رضي الله عنه من أهمِّ الروايات التي جاءت في هذا الصدد؛ حيث إنها تحوي الكثير من التفاصيل غير الموجودة في الروايات الأخرى..
يقول كَعْب بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهَا: خَرَجْنَا فِي حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفَقِهْنَا، وَمَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، فَلَمَّا تَوَجَّهْنَا لِسَفَرِنَا وَخَرَجْنَا مِنَ المدينة قَالَ الْبَرَاءُ لَنَا: يَا هَؤُلَاءِ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ وَاللهِ رَأْيًا وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَدْرِي تُوَافِقُونِي عَلَيْهِ أَمْ لَا. قَالَ: قُلْنَا لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ أَنْ لَا أَدَعَ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ مِنِّي بِظَهْرٍ يَعْنِي الكعبة وَأَنْ أُصَلِّيَ إِلَيْهَا. قَالَ: فَقُلْنَا: وَاللَّهِ مَا بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا يُصَلِّي إِلَّا إِلَى الشام وَمَا نُرِيدُ أَنْ نُخَالِفَهُ. فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي إِلَيْهَا. قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: لَكِنَّا لَا نَفْعَلُ. فَكُنَّا إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ صَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ وَصَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ أَخِي: وَقَدْ كُنَّا عِبْنَا عَلَيْهِ مَا صَنَعَ وَأَبَى إِلَّا الإِقَامَةَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْأَلْهُ عَمَّا صَنَعْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، فَإِنَّهُ وَاللهِ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ خِلَافِكُمْ إِيَّايَ فِيهِ. قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنَّا لَا نَعْرِفُهُ لَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟ قَالَ قُلْنَا: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ العباس بن عبد المطلب عَمَّهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: وَكُنَّا نَعْرِفُ الْعَبَّاسَ كَانَ لَا يَزَالُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا تَاجِرًا. قَالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمَا الْمَسْجِدَ فَهُوَ الرَّجُلُ الْجَالِسُ مَعَ الْعَبَّاسِ. قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْعَبَّاسُ جَالِسٌ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ جَالِسٌ، فَسَلَّمْنَا ثمَّ جَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ: «هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَا أَبَا الْفَضْلِ؟» قَالَ: نَعَمْ هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الشَّاعِرُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي خَرَجْتُ فِي سَفَرِي هَذَا وَهَدَانِي اللهُ لِلإِسْلَامِ، فَرَأَيْتُ أَنْ لَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا، وَقَدْ خَالَفَنِي أَصْحَابِي فِي ذَلِكَ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَمَاذَا تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لَقَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا». قَالَ: فَرَجَعَ الْبَرَاءُ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ، قَالَ: وَأَهْلُهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى مَاتَ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا، نَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ[1]، قَالَ: وَخَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ فَوَاعَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الْحَجِّ وَكَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَعَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ أَبُو جَابِرٍ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا، وَكُنَّا نَكْتُمُ مَنْ مَعَنَا مِنْ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمْرَنَا، فَكَلَّمْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا جَابِرٍ إِنَّكَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا وَشَرِيفٌ مِنْ أَشْرَافِنَا، وَإِنَّا نَرْغَبُ بِكَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ أَنْ تَكُونَ حَطَبًا لِلنَّارِ غَدًا. ثمَّ دَعَوْتُهُ إِلَى الإِسْلَامِ وَأَخْبَرْتُهُ بِمِيعَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَنَا الْعَقَبَةَ، وَكَانَ نَقِيبًا، قَالَ: فَنِمْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لِمِيعَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، نَتَسَلَّلُ مُسْتَخْفِينَ تَسَلُّلَ القطاالقطا، حَتَّى اجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا وَمَعَنَا امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِمْ، نسيبة بنت كعب أم عمارة إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي سَلِمَةَ وَهِيَ أُمُّ مَنِيعٍ، قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا بِالشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَاءَنَا وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ إِلَّا أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ وَيَتَوَثَّقُ لَهُ، فَلَمَّا جَلَسْنَا كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ -قَالَ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ مِمَّا يُسَمُّونَ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الأَنْصَارِ الْخَزْرَجَ أَوْسَهَا وَخَزْرَجَهَا- إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ وَقَدْ مَنَعْنَاهُ مِنْ قَوْمِنَا مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِنَا فِيهِ، وَهُوَ فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ وَمَنَعَةٍ فِي بَلَدِهِ. قَالَ: فَقُلْنَا: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، فَتَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللهِ فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَلِرَبِّكَ مَا أَحْبَبْتَ. قَالَ: فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلَا وَدَعَا إِلَى اللهِ عز وجل، وَرَغَّبَ فِي الإِسْلَامِ، قَالَ: «أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ». قَالَ: فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أزرناأزرنا، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَحْنُ أَهْلُ الْحُرُوبِ وأهل الحلقةأهل الحلقة، وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ. قَالَ: فَاعْتَرَضَ الْقَوْلَ وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو الْهَيْثمَّ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالًا وَإِنَّا قَاطِعُوهَا -يَعْنِي الْعُهُودَ- فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ ثمَّ أَظْهَرَكَ اللهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ وَتَدَعَنَا؟ قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَالَ: «بَلِ الدَّمَ الدَّمَ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَالدَّمَ الدَّمَ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ». وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ». فَأَخْرَجُوا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ وَثَلَاثَةٌ مِنَ الأَوْسِ، وَأَمَّا مَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ فَحَدَّثَنِي فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، ثمَّ تَتَابَعَ الْقَوْمُ، فَلَمَّا بَايَعَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَرَخَ الشَّيْطَانُ مِنْ رَأْسِ الْعَقَبَةِ بِأَبْعَدِ صَوْتٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ: يَا أَهْلَ الجباجبالجباجب -وَالْجُبَاجِبُ الْمَنَازِلُ- هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصُّبَاةُ مَعَهُ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ. -قَالَ عَلِيٌّ[2] يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ: مَا يَقُولُهُ عَدُوُّ اللهِ مُحَمَّدٌ- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا أَزَبُّأَزَبُّ الْعَقَبَةِ، هَذَا ابْنُ أَزْيَبَابْنُ أَزْيَبَ، اسْمَعْ أَيْ عَدُوَّ اللهِ أَمَا وَاللَّهِ لأَفْرُغَنَّ لَكَ». ثمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ارْفَعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ». قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَئِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ». قَالَ: فَرَجَعْنَا فَنِمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَتْ عَلَيْنَا جُلَّةُ قُرَيْشٍ حَتَّى جَاءُونَا فِي مَنَازِلِنَا، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الخزرج إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إِلَى صَاحِبِنَا هَذَا تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا، وَاللَّهِ إِنَّهُ مَا مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنْكُمْ. قَالَ: فَانْبَعَثَ مَنْ هُنَالِكَ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِنَا يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللهِ مَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ وَمَا عَلِمْنَاهُ، وَقَدْ صَدَقُوا لَمْ يَعْلَمُوا مَا كَانَ مِنَّا. قَالَ: فَبَعْضُنَا يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ: وَقَامَ الْقَوْمُ وَفِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ جَدِيدَانِ، قَالَ: فَقُلْتُ كَلِمَةً كَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشْرِكَ الْقَوْمَ بِهَا فِيمَا قَالُوا: مَا تَسْتَطِيعُ يَا أَبَا جَابِرٍ وَأَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا أَنْ تَتَّخِذَ نَعْلَيْنِ مِثْلَ نَعْلَيْ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ؟ فَسَمِعَهَا الْحَارِثُ فَخَلَعَهُمَا ثمَّ رَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتَنْتَعِلَنَّهُمَا. قَالَ: يَقُولُ أَبُو جَابِرٍ: أحفظتأحفظت وَاللَّهِ الْفَتَى فَارْدُدْ عَلَيْهِ نَعْلَيْهِ. قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَرُدَّهُمَا. قَالَ: وَاللَّهِ صُلْحٌ[3]، وَاللَّهِ لَئِنْ صَدَقَ الْفَأْلُ لأَسْلُبَنَّهُ. فَهَذَا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ الْعَقَبَةِ وَمَا حَضَرَ مِنْهَا[4].
وزاد الطبراني في روايته: وَكَانَ نَقِيبَ بني النَّجَّارِ أسعد بن زرارة، وَكَانَ نَقِيبُ بني سَلِمَةَ: الْبَرَاءُ بن مَعْرُورٍ، وَعَبْدُ اللهِ بن عَمْرِو بن حَرَامٍ، وَكَانَ نَقِيبُ بني سَاعِدَةَ: سَعْدُ بن عُبَادَةَ، وَالْمُنْذِرُ بن عَمْرٍو، وَكَانَ نَقِيبَ بني زُرَيْقٍ: رَافِعُ بن مَالِكِ بن الْعَجْلانِ، وَكَانَ نَقِيبَ بني الْحَارِثِ بن الْخَزْرَجِ: عبد الله بن رواحة، وَسَعْدُ بن الرَّبِيعِ، وَكَانَ نَقِيبَ بني عَوْفِ بن الْخَزْرَجِ: عُبَادَةُ بن الصَّامِتِ، وَنقيبَ بني عَبْدِ الأَشْهَلِ: أُسَيْدُ بن حُضَيْرٍ، وَأَبُو الْهَيْثمَّ بن التَّيْهَانِ، وَكَانَ نَقِيبَ بني عَمْرِو بن عَوْفٍ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ، تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَثَلاثَةٌ مِنَ الأَوْسِ[5].
وهناك عدَّة روايات أخرى تضيف بعض التفاصيل الجديدة في هذا الحدث المهمِّ؛ منها روايات جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وكذلك عبادة بن الصامت، وابن عباس رضي الله عنهم، وغيرهم، وهذه هي بقية الروايات الصحيحة التي شرحت أمر العقبة الثانية:
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ مَكَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ بــ عكاظعكاظ ومجنةمجنة وَفِي الْمَوَاسِمِ بِمِنًى، يَقُولُ: «مَنْ يُؤْوِينِي؟ مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجنَّة؟»[6]. حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ أَوْ مِنْ مُضَرَ كَذَا، قَالَ: فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ فَيَقُولُونَ: احْذَرْ غُلَامَ قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنُكَ، وَيَمْشِي بَيْنَ رِجَالِهِمْ وَهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ، حَتَّى بَعَثَنَا اللهُ إِلَيْهِ مِنْ يَثْرِبَ، فَآوَيْنَاهُ وَصَدَّقْنَاهُ فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَّا فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ، فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الإِسْلَامَ، ثمَّ ائْتَمَرُوا جميعًا فَقُلْنَا: حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ؟ فَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رجلًا حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ، فَوَاعَدْنَاهُ شِعْبَ الْعَقَبَةِ، فَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ حَتَّى تَوَافَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ نُبَايِعُكَ. قَالَ: «تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَأَنْ تَقُولُوا فِي اللهِ لَا تَخَافُونَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي فَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، وَلَكُمُ الْجنَّة». قَالَ: فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ، وَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ -وَهُوَ مِنْ أَصْغَرِهِمْ- فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، فَإِنَّا لَمْ نَضْرِبْ أَكْبَادَ الإِبِلِ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ، وَأَنَّ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللهِ، وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جَبِينَةًجَبِينَةً فَبَيِّنُوا ذَلِكَ، فَهُوَ عُذْرٌ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ. قَالُوا: أَمِطْأَمِطْ عَنَّا يَا أَسْعَدُ، فَوَاللَّهِ لَا نَدَعُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ أبدًا، وَلَا نَسْلَبُهَالَا نَسْلَبُهَا أبدًا. قَالَ: فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ، فَأَخَذَ عَلَيْنَا وَشَرَطَ، وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الْجنَّة[7].
وعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتَّبِعُ الْحَاجَّ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوْسِمِ وَبِمَجنَّةَ وَبِعُكَاظٍ وَبِمَنَازِلِهِمْ بِمِنًى: «مَنْ يُؤْوِينِي مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَلَهُ الْجنَّة». فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَنْصُرُهُ وَيُؤْوِيهِ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَرْحَلُ مِنْ مُضَرَ أَوْ مِنَ الْيَمَنِ أَوْ زَوْرِ صَمَدٍ[8] فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ فَيَقُولُونَ: احْذَرْ غُلَامَ قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنُكَ. وَيَمْشِي بَيْنَ رِحَالِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ عز وجل يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ، حَتَّى بَعَثَنَا اللهُ عز وجل لَهُ مِنْ يَثْرِبَ فَيَأْتِيهِ الرَّجُلُ فَيُؤْمِنُ بِهِ فَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ[9]، حَتَّى لَا يَبْقَى دَارٌ مِنْ دُورِ يَثْرِبَ إِلَّا فِيهَا رَهْطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الإِسْلَامَ؛ ثمَّ بَعَثَنَا اللهُ عز وجل فَأْتَمَرْنَا وَاجْتَمَعْنَا سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَّا، فَقُلْنَا: حَتَّى مَتَى نَذَرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ؟ فَدَخَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ، فَوَاعَدْنَاهُ شِعْبَ الْعَقَبَةِ، فَقَالَ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ: يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي لَا أَدْرِي مَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ جَاءُوكَ، إِنِّي ذُو مَعْرِفَةٍ بِأَهْلِ يَثْرِبَ. فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ، فَلَمَّا نَظَرَ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه فِي وُجُوهِنَا قَالَ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا أَعْرِفُهُمْ هَؤُلَاءِ أَحْدَاثٌأَحْدَاثٌ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ عَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: «تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَعَلَى أَنْ تَقُولُوا فِي اللهِ لَا تَأْخُذُكُمْ فِيهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي إِذَا قَدِمْتُ يَثْرِبَ فَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، وَلَكُمُ الْجنَّة». فَقُمْنَا نُبَايِعُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهُوَ أَصْغَرُ السَّبْعِينَ فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، إِنَّا لَمْ نَضْرِبْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْمَطِيِّ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، إِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ، وَأَنْ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى السُّيُوفِ إِذَا مَسَّتْكُمْ، وَعَلَى قَتْلِ خِيَارِكُمْ، وَعَلَى مُفَارَقَةِ الْعَرَبِ كَافَّةً، فَخُذُوهُ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللهِ عز وجل، وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِيفَةً فَذَرُوهُ فَهُوَ أَعْذَرُ عِنْدَ اللهِ. قَالُوا: يَا أَسْعَدُ بْنَ زُرَارَةَ أَمِطْأَمِطْ عَنَّا يَدَكَ، فَوَاللَّهِ لَا نَذَرُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ وَلَا نَسْتَقِيلُهَالَا نَسْتَقِيلُهَا، فَقُمْنَا إِلَيْهِ رَجُلًا رَجُلًا يَأْخُذُ عَلَيْنَا بِشُرْطَةِ الْعَبَّاسِ، وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الجَنَّةَ[10].
وعن أبي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا رضي الله عنه عَنِ الْعَقَبَةِ، فَقَالَ: شَهِدَهَا سَبْعُونَ فَوَافَقَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَخَذْتُ وَأَعْطَيْتُ»[11].
وفي رواية: كَانَ الْعَبَّاسُ آخِذًا بِيَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُوَاثِقُنَا، فَلَمَّا فَرَغْنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَخَذْتُ وَأَعْطَيْتُ». قَالَ: فَسَأَلْتُ جَابِرًا يَوْمَئِذٍ: كَيْفَ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعَلَى المَوْتِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ[12].
وعَنْ عَامِرٍ الشعبي قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ إِلَى السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ: «لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُمْ وَلَا يُطِيلُ الْخُطْبَةَ، فَإِنَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَيْنًا، وَإِنْ يَعْلَمُوا بِكُمْ يَفْضَحُوكُمْ». فَقَالَ قَائِلُهُمْ وَهُوَ أَبُو أُمَامَةَ: سَلْ يَا مُحَمَّدُ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ، ثمَّ سَلْ لِنَفْسِكَ وَلأَصْحَابِكَ مَا شِئْتَ، ثمَّ أَخْبِرْنَا مَا لَنَا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى اللهِ عز وجل وَعَلَيْكُمْ إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ. قَالَ: فَقَالَ: «أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي عز وجل أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شيئًا، وَأَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي وَلأَصْحَابِي أَنْ تُؤْوُونَا وَتَنْصُرُونَا وَتَمْنَعُونَا مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ». قَالُوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؟ قَالَ: «لَكُمُ الْجنَّةُ». قَالُوا: فَلَكَ ذَلِكَ[13].
وفي رواية عن عامر الشعبي قال: مَا سَمِعَ الشِّيبُ وَلَا الشُّبَّانُ خُطْبَةً مِثْلَهَا[14].
وعن جَابِر بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: شَهِدَ بِي خَالَايَ[15] الْعَقَبَةَ. قَالَ أَبُو عَبْد اللهِ[16]: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَحَدُهُمَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ[17].
وعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَ جَابِرٌ: أَنَا وَأَبِي، وَخَالَايَ، مِنْ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ[18].
وعن ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لأَنَّهُمْ هَجَرُوا الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ مِنَ الأَنْصَارِ مُهَاجِرُونَ لأَنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ دَارَ شِرْكٍ فَجَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ[19].
وعن أبي الوليدِ عبادة بن الصامِت رضي الله عنه، قَالَ: بَايَعْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ في العُسْرِ واليُسْرِ، والمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أنْ لَا نُنازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ إلَّا أنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِيهِ بُرْهَانٌ، وَعَلَى أنْ نَقُولَ بالحَقِّ أيْنَمَا كُنَّا لَا نَخَافُ في اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ[20].
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه -وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ- قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْعَةَ الْحَرْبِ، وَكَانَ عُبَادَةُ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ بَايَعُوا فِي الْعَقَبَةِ الأُولَى عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ[21].
وقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عاصم بن عمر بن قتادة أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا اجْتَمَعُوا لِبَيْعَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ الأَنْصَارِيُّ، أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، هَلْ تَدْرُونَ عَلَامَ تُبَايِعُونَ هَذَا الرَّجُلَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِ الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ مِنَ النَّاسِ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ إذَا نُهِكَتْ أَمْوَالُكُمْ مُصِيبَةً وَأَشْرَافُكُمْ قَتْلًا أَسْلَمْتُمُوهُ فَمِنَ الآنَ، فَهُوَ وَاللهِ -إنْ فَعَلْتُمْ- خِزْيُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ وَافُونَ لَهُ بِمَا دَعَوْتُمُوهُ إلَيْهِ عَلَى نَهْكَةِ الأَمْوَالِ وَقَتْلِ الأَشْرَافِ فَخُذُوهُ، فَهُوَ وَاللهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. قَالُوا: فَإِنَّا نَأْخُذُهُ عَلَى مُصِيبَةِ الأَمْوَالِ وَقَتْلِ الأَشْرَافِ، فَمَا لَنَا بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ إنْ نَحْنُ وَفَّيْنَا؟ قَالَ: «الجَنَّةُ». قَالُوا: ابْسُطْ يَدَكَ. فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعُوهُ. وَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ فَقَالَ: وَاللهِ مَا قَالَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ إِلَّا لِيَشُدَّ الْعَقْدَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَعْنَاقِهِمْ. وَأَمَّا عبد الله بن أبي بكر فَقَالَ: مَا قَالَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ إِلَّا لِيُؤَخِّرَ الْقَوْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ رَجَاءَ أَنْ يَحْضُرَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فَيَكُونَ أَقْوَى لأَمْرِ الْقَوْمِ. فَاللهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ[22].
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلنُّقَبَاءِ: «أَنْتُمْ عَلَى قَوْمِكُمْ بِمَا فِيهِمْ كُفَلَاءُ كَكَفَالَةِ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَأَنَا كَفِيلٌ عَلَى قَوْمِي». قَالُوا: نَعَمْ[23].
هذه هي معظم الروايات الصحيحة التي ذكرت أمر هذه البيعة المباركة.
[1] لأنَّ أهل البراء بن معرور رضي الله عنه كانوا آنذاك مشركين، فكان كعب بن مالك رضي الله عنه والمسلمون يرون البراء يُصَلِّي أكثر من أهله، ولذلك فهم أعلم بحاله منهم؛ خاصَّةً أنَّ البراء رضي الله عنه مات مبكرًا بعد بيعة العقبة الثانية بأقل من شهرين، ولم يكن قد أسلم في هذا الوقت القصير أحد من قومه، والله أعلم.
[2] قال محققو مسند أحمد طبعة مؤسسة الرسالة (25/94): قلنا: هو المروزي (علي بن إسحاق السلمي، أبو الحسن) شيخ الإمام أحمد، لكن لم يذكر روايته عنه هنا.
[3] علَّق السندي على هذه الكلمة بقوله: «والله صلح»: هكذا في نسخ المسند. وذكر في متن الحديث: «قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَرُدَّهُمَا، فَأْلٌ وَاللهِ صَالْحٌ». انظر: السندي: حاشية مسند الإمام أحمد 9/31، وقال محققو مسند أحمد طبعة مؤسسة الرسالة: وقع في النسخ: «قال: والله صلح». والمثبت من تاريخ الطبري، ودلائل النبوة للبيهقي، وهو الوارد في سيرة ابن هشام. وكلمة: «صلح» وردت في «مجمع الزوائد»: صالح. على الجادَّة، ولعلَّهم يُريدون بكلمة صلح صالح، على عادتهم بحذف ألف بعض الكلمات ظنُّوه اسم علم.
[4] أحمد (15836)، واللفظ له، وقال شعيب الأرناءوط: حديث قوي وهذا إسناد حسن. والطبراني: المعجم الكبير، (15845)، وقال الهيثمي: رواه أحمد، والطبراني بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرَّح بالسماع. انظر: مجمع الزوائد 6/45. وانظر: ابن هشام: السيرة النبوية 1/448، والطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/365، والبيهقي: دلائل النبوة 2/449، والذهبي: تاريخ الإسلام 1/304، وابن كثير: البداية والنهاية 3/200، وقال محمد بن طاهر البرزنجي: حديث حسن. انظر: صحيح وضعيف تاريخ الطبري 2/55.
[5] الطبراني: المعجم الكبير، (15845)، وقال الهيثمي: رواه أحمد، والطبراني بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرَّح بالسماع. انظر: مجمع الزوائد 6/45.
[6] في الواقع لم يطلب الرسول صلى الله عليه وسلم النصرة في المواسم إلا بعد العام العاشر من البعثة، ولكن يبدو أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما لم يروِ إلا ما رآه بعينه، وحيث إن جابر رضي الله عنه لم يرَ الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في العام الثاني عشر من البعثة، فيكون ما قصَّه صحيحًا؛ أما بالنسبة إلى قوله: «عَشْرَ سِنِينَ». فمن الواضح أن جابر رضي الله عنه قد استثنى الفترة السرية التي كانت في أول الدعوة، وهي مدَّة ثلاث سنوات، التي لم يكن يطوف فيها الرسول صلى الله عليه وسلم على القبائل في المواسم.
[7] أحمد (14496)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط مسلم. وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (63).
[8] قال محققو مسند أحمد طبعة مؤسسة الرسالة: تحرفت في (م) إلى: زور صمد. وفي (س) و(ق): ذو رحمة. «حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَرْحَلُ مِنْ مُضَرَ، أَوْ مِنَ الْيَمَنِ، إِلَى ذِي رَحِمِهِ، فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ». وفي رواية البيهقي: «حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَدْخُلُ ضَاحِيَةً مِنْ مُضَرَ وَالْيَمَنِ فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ أَوْ ذُو رَحِمِهِ».
[9] يقصد جابر رضي الله عنه الرجال الستة الذين أسلموا في العام الحادي عشر، بالإضافة إلى أصحاب بيعة العقبة الأولى الاثني عشر.
[10] أحمد (14694)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث صحيح وهذا إسناد حسن. والبيهقي: السنن الكبرى (18191)، وقال الصوياني: إسناده صحيح. انظر: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة 1/244.
[11] أحمد (14718)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث حسن وهذا إسناد ضعيف. وقال الهيثمي: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد 6/48.
[12] أحمد (15294)، وقال: شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
[13] أحمد (17119)، وقال: شعيب الأرناءوط: مرسل صحيح. وقال الهيثمي: رواه أحمد هكذا مرسلًا، ورجاله رجال الصحيح، وقد ذكر الإمام أحمد بعده سندًا إلى الشعبي عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، وقال بنحو هذا قال: وكان أبو مسعود أصغرهم سنًّا، وفيه مجالد، وفيه ضعف، وحديثه حسن إن شاء الله. انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد 6/48.
[14] أحمد (17121)، وقال شعيب الأرناءوط: مرسل صحيح عامر الشعبي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وقال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد 6/48.
[15] قال ابن حجر: تَعَقَّبَهُ الدِّمْيَاطِيُّ فَقَالَ: أُمُّ جَابِرٍ هِيَ أُنَيْسَةُ بِنْتُ غَنَمَةَ بْنِ عَدِيٍّ، وأخواها ثَعْلَبَةُ وَعَمْرٌو؛ وَهُمَا خَالَا جَابِرٍ، وَقَدْ شَهِدَا الْعَقَبَةَ الْأَخِيرَةَ، وَأَمَّا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ فَلَيْسَ مِنْ أَخْوَالِ جَابِرٍ. قُلْتُ: لَكِنْ مِنْ أَقَارِبِ أُمِّهِ، وَأَقَارِبُ الْأُمِّ يُسَمَّوْنَ أَخْوَالًا مَجَازًا، وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: حَمَلَنِي خَالِي الْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ فِي السَّبْعِينَ رَاكِبًا الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا مَعَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ، فَقَالَ: «يَا عَمِّ خُذْ لِي عَلَى أَخْوَالِكَ». فَسَمَّى الْأَنْصَارَ أَخْوَالَ الْعَبَّاسِ لِكَوْنِ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْهُمْ، وَسَمَّى الْحُرَّ بْنَ قَيْسٍ خَالَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَقَارِبِ أمه، وَهُوَ ابن عَمِّ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ؛ فَلَعَلَّ قَوْلَ سُفْيَانَ وَأَخُوهُ، عَنَى بِهِ الْحُرَّ بْنَ قَيْسٍ، وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ أَخًا وَهُوَ ابنُ عَمٍّ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي النَّسَبِ، وَهَذَا أولى من توهيم مثل ابن عُيَيْنَةَ؛ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ الْحُرَّ بْنَ قَيْسٍ فِي أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ؛ فَعَلَى هَذَا فَالْخَالُ الْآخَرُ لِجَابِرٍ إِمَّا ثَعْلَبَةُ وَإِمَّا عَمْرٌو، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انظر: ابن حجر: فتح الباري 7/222.
[16] قال ابن حجر: ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَحَدُهُمَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ. كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ، "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ" يَعْنِي الْمُصَنِّفَ (أي البخاري)، فَعَلَى هَذَا فَتَفْسِيرُ الْمُبْهَمِ مِنْ كَلَامِهِ؛ لَكِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ كَلَام ابن عُيَيْنَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، فَتَرَجَّحَتْ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ سُفْيَانُ: خَالَاهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَأَخُوهُ. وَلَمْ يُسَمِّهِ. انظر: ابن حجر: فتح الباري 7/222.
[17] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وبيعة العقبة، (3677).
[18] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وبيعة العقبة، (3678).
[19] النسائي: كتاب البيعة، تفسير الهجرة (7789)، والطبراني: المعجم الكبير (12850)، والمعجم الأوسط (1691)، وصحح إسناده الألباني، انظر: صحيح سنن النسائي 3/123.
[20] البخاري: كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا»، (6647)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، (1709)، واللفظ له.
[21] أحمد (22752)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث صحيح وهذا إسناد حسن.
[22] انظر: ابن هشام: السيرة النبوية 1/446، والطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/363، 364، وابن الجوزي: المنتظم 3/36، 37، وابن كثير: البداية والنهاية 3/198، والصالحي: سبل الهدى والرشاد 3/206. وقال محمد بن طاهر البرزنجي: إسناده ضعيف ولكن له شاهد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه عند أحمد في مسنده. انظر: صحيح وضعيف تاريخ الطبري، 2/54. وقال مجدي فتحي السيد: إسناده مرسل. انظر: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم 2/63.
[23] ابن هشام: السيرة النبوية 1/446، والطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/363، والبيهقي: دلائل النبوة 2/452، وابن الجوزي: المنتظم 3/37، وابن كثير: البداية والنهاية 3/198، والسيرة النبوية، 2/201، والصالحي: سبل الهدى والرشاد 3/204. وقال مجدي فتحي السيد: إسناده مرسل. انظر: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم 2/63.
التعليقات
إرسال تعليقك