الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
لم يكن حال النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان كحاله في غيره من الشهور، فقد كان برنامجه في رمضان مليئا بالطاعات.. فكيف كان هدي النبي في رمضان؟
لم يكن حال النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان كحاله في غيره من الشهور، فقد كان برنامجه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان مليئًا بالطاعات والقربات؛ وذلك لعلمه بما لهذه الأيام والليالي من فضيلة خصّها الله بها وميزها عن سائر أيام العام، والنبي صلى الله عليه وسلم وإن كان قد غُفر له ما تقدم من ذنبه، إلا أنه أشد الأمة اجتهادًا في عبادة ربه وقيامه بحقه.
وسنقف في هذه السطور مع شيء من هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- في شهر رمضان المبارك؛ حتى يكون دافعًا للهمم ومحفزًا للعزائم أن تقتدي بنبيها، وتلتمس هديه.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر في هذا الشهر من أنواع العبادات، فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، وكان -عليه الصلاة والسلام- إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن، والصلاة والذكر والاعتكاف.
وكان يخصُّ رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور، حتى إنه ربما واصل الصيام يومين أو ثلاثة ليتفرغ للعبادة، وينهى أصحابه عن الوصال، فيقولون له: إنك تواصل، فيقول: «إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني» (أخرجاه في الصحيحين).
وكان عليه الصلاة والسلام يحث على السحور، وصحّ عنه أنه قال: «تسحروا؛ فإنّ في السحور بركة» (متفق عليه). وكان من هديه تعجيل الفطر وتأخير السحور، فأما الفطر فقد ثبت عنه من قوله ومن فعله أنه كان يعجِّل الإفطار بعد غروب الشمس وقبل أن يصلي المغرب، وكان يقول: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» كما في الصحيح. وكان يفطر على رطبات، فإن لم يجد فتمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء.
وأما السحور فكان يؤخره حتى ما يكون بين سحوره وبين صلاة الفجر إلا وقت يسير، قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.
وكان يدعو عند فطره بخيري الدنيا والآخرة.
وكان صلى الله عليه وسلم يقبِّل أزواجه وهو صائم، ولا يمتنع من مباشرتهن من غير جماع، وربما جامع أهله بالليل فأدركه الفجر وهو جنب، فيغتسل ويصوم ذلك اليوم.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع الجهاد في رمضان، بل إن المعارك الكبرى قادها صلى الله عليه وسلم في رمضان، ومنها بدر وفتح مكة حتى سمي رمضان شهر الجهاد.
وكان يصوم في سفره تارة، ويفطر أخرى، وربما خيَّر أصحابه بين الأمرين، وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم؛ ليتقووا على قتاله. وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: كنا في سفر في يوم شديد الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة، وخرج عام الفتح إلى مكة في شهر رمضان، فصام حتى بلغ كُراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام. فقال: «أولئك العصاة، أولئك العصاة» (رواه مسلم).
وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل؛ ليجتمع قلبه على ربه عز وجل، وليتفرغ لذكره ومناجاته، وفي العام الذي قُبض فيه صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يومًا.
وكان إذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره، مجتهدًا ومثابرًا على العبادة والذكر.
هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتلك هي طريقته وسنته، فما أحوجنا -أخي الصائم- إلى الاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم والتأسي به في عبادته وتقربه، والعبد وإن لم يبلغ مبلغه، فليقارب وليسدد، وليعلم أن النجاة في اتباعه والسير على طريقه.
المصدر: موقع إسلام ويب.
التعليقات
إرسال تعليقك