ملخص المقال
توفي الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري الذي حكم بلاده بين العامين 1969 و1985 أمس السبت عن 79 عاما وهو من مواليد أم درمان في أول يناير 1930بعد معاناة طويلة مع
توفي الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري الذي حكم بلاده بين العامين 1969 و1985 السبت عن 79 عاما بعد معاناة طويلة مع المرض، وفق ما أعلنت الرئاسة السودانية في بيان بثه التلفزيون الرسمي، وسيتم تشييعه اليوم الأحد في أم درمان إحدى ضواحي الخرطوم. وقال مجدي عبد العزيز المساعد الرئاسي إن وفاة النميري كانت متوقعة منذ مرضه وانه توفي أمس السبت. وقال محجوب الفضل المتحدث الرئاسي أن جنازة النميري ستشيع علي الأرجح في منطقة أم درمان بالعاصمة السودانية الخرطوم صباح اليوم الأحد.وأمضي النميري 16 عاما عاصفة كزعيم للسودان إلى أن أطاح به انقلاب عسكري في أبريل عام 1985 وحصل علي لجوء سياسي في مصر،وتأتي وفاة النميري بعد أربعين عاما من توليه الحكم في 25 مايو 1969 اثر انقلاب عسكري أطاح بالرئيس إسماعيل أزهري. ورغم انه تلقي دروسه العسكرية في الولايات المتحدة في الستينات، قاد النميري الانقلاب بدعم من الاشتراكيين والحزب الشيوعي، قبل ان يخوض نزاعا مفتوحا مع الأخير بعد بضعة أعوام. وبدأ النميري حكمه كيساري معجب بحكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لكنه تحول تدريجيا لليمين ليصبح حليفا للولايات المتحدة ويسحق تمردا للجماعات الإسلامية واليسار. وفي العام ،1972وضع النميري حدا لأول حرب أهلية كانت اندلعت بين الشمال والجنوب العام 1955 وذلك عبر اتفاق تاريخي ارسي سلاما نسبيا في هذا البلد المترامي في أفريقيا. ولكن مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، شهد الاقتصاد السوداني أزمة أرخت بظلالها علي حكم النميري، وفي العام 1983 فرض الرئيس الأسبق الشريعة الإسلامية وقسم جنوب السودان ثلاث مناطق مختلفة، ما اثأر استياء القادة الجنوبيين الذين ادخلوا السودان مجددا في حرب أهلية بين الشمال والجنوب أسفرت عن مقتل مليون ونصف مليون شخص حتى العام 2005. وأطيح بالنميري العام 1985 عبر انقلاب قاده الجنرال عبد الرحمن سوار الذهب الذي فتح الباب أمام انتخابات ديموقراطية أوصلت إلي الحكم رئيس حزب الأمة صادق المهدي. ولكن سرعان ما أطيح بالأخير العام 1989 عبر انقلاب جديد قاده الرئيس السوداني الحالي عمر البشير.أقام النميري في مصر 14 عاما قبل أن يعود إلي السودان العام 1999 حيث حاول من دون جدوى منافسة البشير في انتخابات وصفتها المعارضة بأنها 'مهزلة'.. ومنذ عودته الشجاعة حسب أنصاره او المنكسرة حسب خصومه، غادر نميري السودان الي اربع دول وهي: الي الولايات المتحدة لإجراء فحوص دورية درج علي اجرائها من عام الي آخر هناك لأكثر من 30 عاما، والي القاهرة نحو ثلاث مرات للملمة باقي اشيائه في المنفي، ولوداع المصريين، ولأسباب صحية. كما زار كلا من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات،. ويلاحظ الناس في الخرطوم ان الرجل رغم سجل حكمه الملطخ بالتعذيب والقتل والإقصاء، يتجول طليقا في شوارع الخرطوم وحتى في رحلاته الداخلية والخارجية، إلا من حارس واحد، ويقول في هذا الشأن: لست خائفا من أي شيء ولي حراسة من الدولة، ليست حراسة لكن متابعة.. ولقد رفضت ذلك عدة مرات ولكنهم أصروا عليها . ويشير أعوان نميري إلي أن الأخير يجد كل الدعم والعون من الرئيس عمر البشير، حيث يتفقد أحواله من وقت لآخر عبر رسول ويقدم له كل التسهيلات. وتشيع المدينة ان نميري هبط إلي منفاه في القاهرة بأموال طائلة، ولكنه فقدها في أعوام وجيزة عبر استثمارات فاشلة تولاها بدلا عنه سودانيون ومصريون. ولم تبق له سوي شقتين في عمارة واحدة استولي عليهما احد أعوانه المقربين منه، ولكن قبل أن يهنأ بهما انهارت العمارة علي من فيها كما يقول إلياس الأمين. وأضاف كِدت اصدق أن نميري في بحبوحة من العيش في القاهرة ولكن عندما زرته وجدت انه بلا مال ولا شيء سوي الأصدقاء والأوفياء . وكان نميري يرتب، حسب مقربين، لإنشاء كلية للدراسات الجامعية والدراسات العليا ، وهي ممنوحة له من الولايات المتحدة. ويقولون ان العمل يمضي علي قدم وساق لإكمال إنشاء الكلية في الأشهر المقبلة. وربما فتحت أبوابها خلال الأشهر المقبلة، وفقا لمقربين. ما سبق يعتبر آخر محطات نميري في خطوطها العامة والخاصة. لكن رحلته عموما كانت طويلة محفوفة بالمغامرات والقفز في الظلام، ولعب علي كل الحبال، وطرق علي اليمين ثم على اليسار، والسير أحيانا بكوابح، وأحيانا كثيرة من دونها، سلكها نميري خلال عمره الطويل إلى أن صار وحيدا. ولد نميري في مدينة أم درمان في السادس والعشرين من ابريل (نيسان) عام 1930 من والدين هما: محمد نميري، و آمنة نميري اللذين قدما قبل زواجهما إلى ام درمان من بلدة ود نميري في الشمال بالقرب من مدينة دنقلا من اجل لقمة العيش، وقبل أن يتزوج والده عمل جندياً في قوة دفاع السودان لكنه بعد الزواج ترك العمل في الجيش واختار العمل ساعياً في شركة سيارات. وعندما افتتحت الشركة فرعاً لها في واد مدني انتقل والده الي الفرع واستقر به المقام هناك مع أسرته التي باتت تتكون من الاب والأم وثلاثة أبناء هم: مصطفي، ونميري، وعبد المجيد الذي توفيَّ وهو في الرابعة والعشرين من عمره.
التعليقات
إرسال تعليقك