الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
قصص العودة للحياة بعد الموت كثيرة، لكن هناك سبعة مواقف ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أنه أحيا أصحاب هذه المواقف في الدنيا بعد الموت.
قصص العودة للحياة بعد الموت كثيرة ومثيرة، ولكنها في الحقيقة غير ثابتة إلا لمن أثبتها الله له، ولذا فنحن لا نذكر هنا من غاب عن الوعي ثم عاد إلى الإفاقة، أو من توقَّف قلبه ثم عاد للنبض، أو من دُفِن ثم تبيَّن أنه حيٌّ، فهذه أمور متكرِّرة.
لا نذكر أيضًا القصص التي لم تَثْبُت بشكل صريح كتلك التي ذكرها ابن أبي الدنيا في كتابه العجيب: "من عاش بعد الموت"، فجلُّها، إن لم يكن كلها، ضعيف من ناحية السند.
لكن هناك سبعة مواقف ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أنه أحيا أصحاب هذه المواقف في الدنيا بعد الموت، وهي أدلة للمعاصرين لها، ولمن يؤمن بالقرآن الكريم، على قدرة الله تعالى على البعث والنشور:
في الواقع مجموع مَنْ أحياه الله بعد الموت في هذه القصص ليس سبعة إنما على الأغلب 4081 روح! لأن بعض المواقف كان يُحيا فيها عدد من الأرواح!
1. قصة إحياء سبعين من بني إسرائيل قُتِلُوا بالصاعقة: هؤلاء هم السبعون الذين اختارهم موسى عليه السلام لميقات الله تعالى بعد جريمة عبادة العجل، فطلبوا أن يروا اللهَ جهرةً، فأماتهم الله بالصاعقة، ثم بعثهم جميعًا! قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ، ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 55، 56].
2. قصة إحياء قتيل بني إسرائيل: قُتِلَ رجل من بني إسرائيل، وأنكر الجميع قتله، فأمرهم الله تعالى أن يضربوا القتيل بجزء من البقرة الصفراء التي ذبحوها، والتي جاء ذكر قصتها في السورة. فلما فعلوا ذلك بُعِثَ القتيل من موته، فأخبر عن قاتله، ثم مات مرة ثانية! قال تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ[1] فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ، فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا[2] كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 72، 73].
3. قصة إحياء أهلِ قريةٍ: هؤلاء هم أهل قرية ما خرجوا فرارًا من الطاعون أو من غيره، فأماتهم الله جميعًا، وكانوا عدة آلاف، ثم أحياهم بعد ذلك! قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243]. روى الحاكم ووكيع في تفسيره -وسنده حسن- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: 243] قَالَ: "كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ، خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ، وَقَالُوا: نَأْتِي أَرْضًا لَيْسَ بِهَا مَوْتٌ. فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ: مُوتُوا فَمَاتُوا فَمَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ، فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُحْيِيَهُمْ فَأَحْيَاهُمْ، فَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: 243][3]، وهناك أرقام أخرى كثيرة.
4. قصة إحياء الرجل الذي تعجَّب من إحياء الله للقرية الخاوية على عروشها: تذكر بعض الروايات أن هذا الرجل هو النبي العزير عليه السلام، وتخالف ذلك مصادر أخرى، فالله أعلم بحقيقة الشخص ذاته، ولكن القصة مُثْبَتَة في القرآن، وفيها أمات اللهُ الرجلَ مائة عامٍ ثم بعثه وحماره! قال تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة: 259].
5. قصة إحياء الطير: وهي القصة التي طلب فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام رؤية "الكيفية" التي يحيي اللهُ بها الموتى، فأراه اللهُ ذلك عن طريق إحياء طيورٍ ممزقة وُزِّعت أجزاءها على عدة جبال! قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ[4] إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 260].
6. إحياء عيسى للموتى بإذن الله: وهي إحدى معجزات عيسى الكبرى. قال تعالى: {وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49]. جاء في كتب التفسير أنه أحيا أربعة أنفس، ولكن السند ضعيف، ولكنه من المؤكَّد أحيا بعض الموتى كما ذكر القرآن.
أما قصة أصحاب الكهف، فالأغلب على أنهم ناموا وما ماتوا.
الهدف من هذه القصص إثبات قدرة الله تعالى على الإحياء يوم القيامة: وقد ذكر الله هذا الهدف بصورة مباشرة؛ فقال تعقيبًا على إحياء قتيل بني إسرائيل الذي ضربوه ببعض البقرة: {كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
فسبحان الذي قال في صفة نفسه: {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [غافر: 68][5].
[1] اختلفتم
[2] أي ببعض البقرة المذبوحة في القصة التي قبلها.
[3] الحاكم في المستدرك (3113)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
[4] أي قطعهن، أو أوثقهن ثم اذبحهن
[5] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك