التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
استلم السلطان سليمان الثاني حكم الدولة العثمانية في ظروف استثنائية، جلس على كرسي الحكم أربعة سنوات تباينت ما بين انعدام وزن وصحوة وانتفاضة.
السلطان سليمان الثاني (1687-1691م)
ذهبوا بالذي يعلم قليلًا، ولا يجادل إلا نادرًا، وأَتَوا بالذي لا يعلم شيئًا، ولا يجادل أبدًا! خُلِعَ السلطان الضعيف محمد الرابع، وتولى السلطان الأضعف سليمان الثاني. قضى سليمان الثاني أربعين سنةً من عمره البالغ خمسًا وأربعين حبيسَ قصرٍ ملكي[1]! هكذا قضى العرف السلطاني الجائر الذي دأبت عليه الدولة في قرونها الثلاثة الأخيرة. خرج السلطان الآن إلى النور وهو لا يعرف شأنًا داخليًّا ولا خارجيًّا، ولم يلتقِ بوزير ولا سفير، ولم يأخذ قرارًا في حق نفسه فضلًا عن قرارات تخص الأمة!
استلم سليمان الثاني في هذه الظروف الاستثنائية التي عصفت بالدولة العثمانية. لم يكن له من الأمر شيء؛ إنما كان الأمر كله لصدوره العظام. جلس على كرسي الحكم أربعة سنوات؛ يمكن تقسيمها بسهولة إلى فترتين متباينتين، وكأنهما لسلطانين مختلفين تمامًا: الفترة الأولى هي أول سنتين، وهي فترة انعدام وزن، وشبه انهيار في الدولة، وتناوب فيها على منصب الصدارة العظمى ثلاثة، أما الفترة الثانية فهي سنتان أيضًا، وهي فترة صحوة وانتفاضة، وتولى فيها الصدارة رجل واحد فقط هو فاضل مصطفى كوبرولو.
فترة انعدام الوزن للدولة العثمانية (نوفمبر 1687- نوفمبر 1689م)
استمرار الاضطرابات واغتيال الصدر الأعظم:
لم يهدأ الحال بالطبع لخلع السلطان محمد الرابع، لأن الجميع يعلم أن الأوضاع لن تتغير بولاية السلطان الجديد، فاستمرت الاضطرابات، وخاصة من الفرق العسكرية، وتحديدًا الإنكشارية. أراد سليمان الثاني أن يُهَدِّأ من ثائرة الجنود عن طريق صرف إكرامية جلوس السلطان على الكرسي! تلك الهبة الإجبارية (أراها إتاوة!) التي يدفعها السلطان الجديد للإنكشارية نظير ولائهم له، والتي ابتدعها سليم الثاني قديمًا (عام 1566م) لضعفه! كانت خزينة الدولة تعاني من جراء الخسائر العسكرية المتتالية منذ كارثة ڤيينا عام 1683م، ومع ذلك دُفعت هذه الإتاوة[2].
ولكن على الرغم من هذا الإنفاق استمرت الاضطرابات، ووصل الأمر إلى الذروة في أوائل مارس 1688م حين اقتحم المتمردون قصر الصدر الأعظم أباظة سياوش باشا وقتلوه[3]، ثم قتلوا مائة وخمسين من رجاله[4]! عُيِّين إسماعيل باشا المرعشي صدرًا أعظم[5]، ولكنه عُزِل بعد شهرين فقط، وتولى بعده بكري مصطفى باشا تكيرداغلي Bekri Mustafa Pasha Tekirdağlı[6]، وكان سابقًا من قادة الإنكشارية. هدأت اضطرابات الإنكشارية في ظل ولاية بكري مصطفى، وكانت هذه الاضطرابات في إسطنبول أساسًا، ومع ذلك قامت ثورات جديدة في الولايات المختلفة[7]! في ظل هذا التوتر كان من المؤكد أن النمسا ستستغل الموقف لتوسيع دائرة تمددها في الدولة العثمانية!
سقوط بلجراد، وبقية المجر، وشمال البوسنة (1688م):
في النصف الأول من عام 1688م، وأثناء الاضطرابات الداخلية الشديدة في إسطنبول، استغلت الميليشيات الصربية الأوضاع، وقامت، بمساعدة النمسا، باحتلال مدينتي ليبوڤا Lipova، وإنيو Ineu[8] (المدينتان غرب رومانيا الآن). هكذا لم يعد باقيًا في حوزة العثمانيين من الأراضي المجرية إلا إقليم تيميشوار (أقصى غرب رومانيا)، بالإضافة إلى مدينة چيولا Gyula (جنوب شرق المجر الآن). كانت أكبر مشكلة في احتلال هاتين المدينتين أن الطريق صار مُمَهَّدًا لأهم مدينة عثمانية في وسط البلقان، وهي بلجراد!
في بدايات صيف 1688م اشتركت قوات متعددة من التحالف الصليبي المقدس في عملية غزو واسعة النطاق لمناطق صربيا والبوسنة. اقتحم شمال صربيا جيشٌ صليبي بقيادة البافاري ماكسيميليان الثاني، وبمساعدة قوات ألمانية، وعدد محدود من القوات النمساوية، بالإضافة إلى الميليشيات الصربية. كان مجموع الجيوش الصليبية يزيد على ثلاثة وخمسين ألفًا[9]، وهو تقريبًا ضعف الجيش العثماني في المنطقة[10]. كانت خطوات الجيش الصليبي بطيئة، فلم يصلوا إلى شمال بلجراد إلا في أغسطس 1688، ومع ذلك لم يستغل العثمانيون الفرصة للتجهز الجيد للدفاع عن المدينة[11]. أكثر من هذا لم يبذل الجيش العثماني جهدًا كبيرًا في الدفاع عن بلجراد فأُخِذَت تقريبًا دون مقاومة[12] بعد حصار شهر[13]. اقتحم الصليبيون المدينة في 6 سبتمبر[14] لتسقط في يد النصارى للمرة الأولى منذ عام 1521. كان الكثير من أهل المدينة قد غادروها عند اقتراب الجيش الصليبي، ومع ذلك كان عدد المسلمين الذين قُتِلوا بعد سقوط بلجراد وقلعتها يزيد على سبعة آلاف من الجنود والمدنيين[15]!
كان سقوط بلجراد حدثًا مدوِّيًا! فأولًا هذه أحصن قلعة للعثمانيين في البلقان كله، فسقوطها يعني سقوط القلاع الأقل حصانة بالتبعية، وثانيًا تعتبر بلجراد بمكانها الاستراتيجي أهم مدينة تتحكم في عدة محاور عسكرية في البلقان وشَماله، وثالثًا هي من أكبر المراكز الاقتصادية في الدولة العثمانية، وأوروبا بشكل عام، ورابعًا هي مركز الصرب الرئيس، وسقوطها سيشجع الصرب على التمرد على الدولة العثمانية في كامل صربيا، وخامسًا كان سقوطها يعني تجاوز النمساويين والتحالف الصليبي نهر الدانوب إلى جنوبه، وهذا بالنسبة إلى الدولة العثمانية خط أحمر لا يجوز عبوره، لأنه يعني الانسياح في أرض الدولة الأساسية، ولئن كان سقوط بودا عاصمة المجر عام 1686م مؤثرًا فإن سقوط بلجراد الآن أشدُّ تأثيرًا عشرات المرَّات، لكون الأولى شمال الدانوب، والأخيرة مفتاح جنوب الدانوب، وسادسًا سيكون الوقع الإعلامي لسقوط بلجراد في يد الصليبيين بعد مائةٍ وسبعةٍ وستِّين عامًا من الحكم الإسلامي كبيرًا، وسيكون هذا دافعًا لملوك أوروبا للانضمام إلى التحالف الصليبي لإكمال مهمة طرد العثمانيين من أوروبا. لقد كان الحدث مُزلزِلًا حقًّا!
في الوقت نفسه كانت قوات صليبية أخرى تقتحم شمال البوسنة، حيث تمكنت في 4 سبتمبر من إسقاط قلعة باني لوكا Banya Luka في وسط الشمال (على بعد 40 كيلو متر من الحدود الكرواتية)، ثم سيطروا على مدينة زڤورنيك Zvornik في 4 أكتوبر[16] (على الحدود البوسنية الصربية).
من الجدير بالذكر -أيضًا- أن البندقية كانت تعمل بشكل موازٍ في هذه الخطة الشاملة للتحالف الصليبي، حيث قامت بغزو جزيرة نيجروبونتي المهمة في بحر إيجة في التوقيت نفسه الذي كان التحالف يقتحم فيه البوسنة وصربيا، ومع ذلك لم تتمكن البندقية من تحقيق حلمها في إعادة السيطرة على مركزها القديم في الشرق[17]، والذي كان قد سقط في يد السلطان محمد الفاتح عام 1470م.
احتلال النمسا لمعظم صربيا (1689م):
لم يتمكن العثمانيون من تعديل الأوضاع في هذا العام أيضًا. نعم تمكنت الدولة من صدِّ هجومٍ روسي شرس على شبه جزيرة القرم في مايو 1689م[18]، ولكن هذا كان بجهد تتار القرم وحدهم[19]، ولم يتدخل الجيش العثماني في المسألة. كان التتار يقومون بعمل ممتاز، لكن الضغط الروسي تسبب في استحالة تركهم لمنطقة القرم، وبالتالي حُرِمت الدولة من جهودهم في معاركها الأوروبية.
حاولت الدولة العثمانية القيام من كبوتها في صيف هذا العام، ومواجهة الحماسة الصليبية المتزايدة، ولكنها كانت محاولات متواضعة، وكان منها أن تحركت حملة همايونية في بداية الصيف برئاسة السلطان سليمان الثاني نفسه في اتجاه صربيا، ولكنها توقَّفت في 25 يونيو في صوفيا[20] ببلغاريا، ولم تكمل طريقها إلى بلجراد المحتلة. لقد وجد قادة الجيش أن الطريق غير آمن على حياة السلطان[21]!
إزاء هذا التردد كان من المؤكد أن التحالف الصليبي سيتقدَّم! انطلاقًا من بلجراد، كقاعدة عسكرية صلبة صارت في يد الصليبيين، اتجهت القوات الصليبية شرقًا ناحية أهم مدن صربيا بعد بلجراد، وهي سمندرية Smederevo. التقى الجيش العثماني بقيادة عرب رجب باشا قائد الجيوش العثمانية في جبهة النمسا، وجيش التحالف الصليبي في 30 أغسطس 1689م، عند مدينة باتوشينا Batočina، على بعد خمسين كيلو متر جنوب سمندرية، وخمسة وثمانين كيلو متر جنوب شرق بلجراد. حلَّت الهزيمة بالجيش العثماني، واحتُلت باتوشينا[22]، بل سقطت سمندرية[23] نفسها، وأكمل الصليبيون اقتحامهم لصربيا، فوصلوا إلى مدينة نيش Niš الاستراتيجية، وهي المدينة المسيطرة على جنوب صربيا كله، وهي قريبة جدًّا من حدود بلغاريا (أقل من ثمانين كيلو متر من الحدود، وعلى بعد مائة وثلاثين كيلو متر من صوفيا). كان سقوط نيش يعني إمكانية اقتحام عمق الأراضي العثمانية، وقد يكون الوصول إلى إدرنة! عند هذه المدينة، وفي 24 سبتمبر، تعرَّض الجيش العثماني لهزيمة أفدح من تلك التي حدثت في باتوشينا[24][25]، وغَنِمَت قوات التحالف الصليبي أكثر من مائتي مدفع عثماني. كان السلطان في صوفيا منذ أواخر يونيو 1689م، ومع ذلك لم يتقدَّم جيشه لنجدة نيش، بل على العكس «خاف» الوزراء وقادة الجيش على حياته فانسحبوا به من صوفيا إلى إدرنة[26]! شجع هذا الصليبيين على اقتحام بلغاريا واحتلال مدينة ڤيدين Vidin (مائة كيلو متر من نيش) في 14 أكتوبر[27].
كذلك توغَّلت بعض القوات بقيادة الإيطالي بيكولوميني Piccolomini في اتجاه الجنوب حتى وصلت إلى سكوبيه Skopje[28] عاصمة مقدونيا (مائة وأربعين كيلو متر من نيش). كان الجيش العثماني قد أخلى المدينة المهمة من السكان عند علمه بقدوم الصليبيين، ولم تكن له القدرة على مواجهتهم فانسحب. وجد بيكولوميني المدينة خالية، ولم يكن معه قوة كافية لاحتلالها، فأمر بإحراقها بالكامل! استمر الحريق يومين كاملين؛ 26 و27 أكتوبر 1689م. لم يترك الحريق بيتًا، ولا سوقًا، ولا مسجدًّا، إلا قضى عليه، ولم تنجُ إلا القلعة الحجرية! فقدت المدينة بعد هذا الحريق مكانتها التجارية في البلقان عدة عقود، وتناقص سكانها من ستين ألفًا قبل الحريق إلى عشرة آلاف فقط بعده[29]. كانت كارثة حقيقية! استمرت مهزلة التخلُّص من القادة العسكريين العثمانيين المهزومين، فأمر السلطان بإعدام عرب رجب باشا قائد الجيوش العثمانية في أوروبا لهزيمته في المعارك السابقة[30]! من الواضح أن هناك خللًا بارزًا في منهجية التفكير، على الأقل في هذه المرحلة.
كان الجيش الصليبي يقوم بهذا الغزو واسع النطاق على الرغم من اندلاع حرب كبيرة في جبهة النمسا الغربية، حيث بدأت حرب شرسة بين فرنسا من جهة وبين التحالف الأوروبي الكبير من جهة أخرى. كان هذا التحالف يضم إنجلترا، وهولندا، وإسبانيا، وساڤوي، بالإضافة إلى النمسا، وهي الحرب التي عُرِفَت بعد ذلك بحرب السنوات التسع The Nine Years' War (1688-1697م)[31]. كان من المتوقع أن تضطرب النمسا بالحرب في جبهتين متباعدتين تمامًا، ولكن الواقع كان غير ذلك، وكان الضعف العثماني البارز مشجِّعًا لهم على الاستمرار في الحرب.
كان من الواضح أن الجيش العثماني يفتقد الروح التي يمكن أن تدفعه إلى القتال، أو على الأقل المقاومة. كانت الدولة العثمانية تحتاج إلى «معجزة» لإيقاظ المارد الذي بداخلها!
عودة الروح للمارد العثماني (نوفمبر 1689-يونيو 1691م)
أمام هذا الطموح الصليبي في إقصاء العثمانيين من أوروبا كان لا بد للدولة من انتفاضة قوية قبل فوات الأوان. تحققت هذه الانتفاضة فعلًا بولاية فاضل مصطفى باشا كوبرولو لمنصب الصدارة العظمى، وكان الذي أوصى بولايته شيخ الإسلام دباغ زادة محمد أفندي[32]، وكان ذلك في 10 نوفمبر 1689م[33]!
فاضل مصطفى باشا كوبرولو في منصب الصدارة العظمى، وإصلاحاته الداخلية:
كان فاضل مصطفى باشا من أعظم الإداريين الذين شهدتهم الدولة العثمانية في كل تاريخها، وكأنه نَهَلَ علوم والده الشهير محمد باشا كوبرولو كلها، وزاد عليها. غير أنه فاق أباه كذلك في القدرات العسكرية، فكان بارعًا فيها براعته في إدارة الدولة. كان عمره يوم تولى الصدارة اثنتين وخمسين سنة[34]، جامعًا في هذا العمر بين حماسة الشباب، وحكمة الشيوخ.
أدرك الصدر الأعظم أن مشكلة الدولة الأكبر هي مشكلة داخلية، وأن العدو القليل إذا انتصر على الأكثرية المسلمة فالعيب هو ضعف المسلمين وليس قوة عدوهم. إن الفساد الذي استشرى في نظام الدولة وجيشها لا يصلح معه جهاد، ولذلك لا بد من إصلاح الأساس قبل البداية في مواجهة العدو. المشكلة كانت في الوقت، لأن الصليبيين لن يتركوا المسلمين يعملون في هدوء إلى أن يتم الإصلاح، وعليه كان لا بد لفاضل مصطفى باشا أن يُتِمَّ أعماله قبل صيف العام القادم، مستغلًّا الراحة الإجبارية التي تأخذها جيوش أوروبا في فصل الشتاء البارد.
تولى الصدر الأعظم هذا المنصب بالشرط نفسه الذي اشترطه أبوه من قبل على السلطان محمد الرابع، وهو أن يُعْطَى صلاحيات مطلقة[35] تعطيه الفرصة أن يعمل وسط المكائد الكثيرة التي تُحاك حوله، ولمـَّا كان السلطان لا يدري عن أمور الدولة والسياسة شيئًا كان قبول مثل هذا الشرط متوقَّعًا! بدأ فاضل مصطفى باشا عمله بنشاط. لم يَنَلْ أيَّ قسطٍ من الراحة في هذا الشتاء، ولا بعده. كان همُّه الأكبر إصلاح الدولة من الداخل. كان عمله السابق كنائب للصدر الأعظم كاشفًا له كثيرًا من خبايا الدولة. -أيضًا- سرعان ما اكتسب الأصدقاء الأوفياء، واكتشف النبلاء الأمناء، وبهذا وذاك بدأ الإصلاح. ضرب على أيدي الفاسدين بقوة. طرد القيادات ذات الشبهات، ووضع قوانين واضحة للثواب والعقاب دون محاباة أو مواربة[36].
اهتم كثيرًا بالجيش، لكنه لم يهمل الشئون المالية، ولا الإدارية، إلى درجة أنه، وعلى الرغم من انشغاله الكبير بمسألة النمسا والتحالف الصليبي، كان مهتمًا بالقوانين الزراعية، وحالة الفلاحين[37]. اهتم بأوضاع الأكراد، وقبائل اليورك Yörük (شعوب تركية تعيش في جبال الأناضول)، وشجعهم على الانخراط في الجيش[38]، فتمكن من زيادة عدده[39]، فعوَّض النقص الذي اعتراه بعد الشهداء الكثيرين الذين سقطوا في معارك السنين الأخيرة. عدَّل الصدر الأعظم من نظام الضرائب، فحوَّله للنظام الفردي بدلًا من نظام الالتزام الذي يتعامل مع القرية أو المنطقة بشكل جماعي، وهذا خفف الأعباء عن الناس[40].
هدَّأ خواطر النصارى بتوسيع حرية العبادة لهم[41]، وقدَّم لهم تسهيلات خاصة بكنائسهم، وتصاريح ترميمها أو بنائها، ليكسب ودَّهم[42]، خاصة بعد ظهور ميليشيات الصرب، واحتمال تكرار الأمر في ولايات الدولة الأخرى. قلَّل فاضل مصطفى باشا من عدد الوزراء ليتجنب الصراعات الداخلية التي كانت تنشأ في الديوان، وكوَّن مجالس محلية من نبلاء كل ولاية أو مدينة كبرى تكون مهمتها مناقشة ومراقبة والي البلدة، وذلك للحدِّ من السلطات الواسعة التي كانت تفسد الولاة، ولضمان سير العمل بأمانة وشفافية[43]. فوق ذلك كان فاضل مصطفى باشا يملك قوة التأثير الشخصية التي يمكن أن يغيِّر بها قناعات الناس بسهولة، فتسمع له وتطيع القيادات الكبرى، والعقول الفاهمة، دون تردد ولا اضطراب، وقبل ذلك وبعده كان هذا الرجل يمتلك القدرة على بثِّ «الهمَّة» في أجساد المتثاقلين، وبعث «الأمل» في نفوس المحبطين، فإذا بواقع الدولة شيء آخر، وكأننا عدنا إلى زمان الفاتح أو القانوني!
هذه أعمال تحتاج إلى سنوات طويلة كي تُنْجَز بحرفيَّة، ولكن الواقع أن الرجل أتمها في شهور قليلة! لقد جاء صيف 1690م ومعظم هذه الأمور مُطَبَّقَة على أرض الواقع. إن هذه «المعجزة» تحمل في رأيي دلالات ثلاثة؛ الأولى أن الطاقات الفذَّة لا تنضب من هذه الأمة. فقط ينبغي أن نبحث عنها بأمانة. والدلالة الثانية أن البناء الأساسي الداخلي للدولة العثمانية قويٌّ للغاية، وأن الشعب فيه خير كثير، وكذلك الجيش. هم فقط يحتاجون لمن يوقظ العملاق الذي بداخلهم. لو كان البناء ضعيفًا، أو الشعب فاسدًا، ما نجحت جهود مصطفى باشا، ولا عشرة أمثاله. أما الدلالة الثالثة، والمهمة للغاية، هي أن الله يُدَبِّر لهذه الدولة أمر رُشْدٍ، لنوايا صادقة كانت في نفوس أبنائها، ولأعمال صالحة قدموها على مر القرون، ولتضحيات مهولة بذلوها دون تردد، فليس من فراغ أن تُوهَب الدولة في كل لحظة من لحظات سقوطها مَنْ يُقيلها من عثرتها، ويجدد لها نشاطها ودينها!
أروع ما في إنجازات فاضل مصطفى باشا كوبرولو أنها ظلت تعمل في الدولة لعدة عقود، ولم تنته بموته. إن هذه الديمومة كانت أحد الأسباب لاتصاف القرن كله بصفة الثبات النسبي التي شاهدناها فيه.
استعادة بلجراد، وصربيا، والبوسنة (1690م):
في صيف 1690م خرج جيشان عثمانيان من إدرنة؛ الأول إلى ترانسلڤانيا في الشمال، والثاني إلى صربيا في الغرب. كان الجيش الأول يهدف إلى تنصيب إمري توكولي، الحليف المجري للعثمانيين، على ترانسلڤانيا، وبذلك يعيد ولاء الولاية للدولة العثمانية. هذا هو الهدف الأساس، وإن كنت أرى هدفًا آخر هو تشتيت الجيش النمساوي، أو على الأقل إبقاء جيش النمسا المرابض في ترانسلڤانيا هناك، وذلك لكي يعطي الفرصة إلى العمليات العسكرية أن تتم في صربيا في وجود أقل أعداد ممكنة لجيش النمسا. -أيضًا- لو قُدِّر لهذا الجيش النجاح في مهمته فإنه سيمنع ملك بولندا سوبايسكي من نجدة النمساويين في صربيا، وذلك لقرب ترانسلڤانيا من بولندا. هذا الجيش الأول نجح في مهمته تمامًا. لقد انتصر انتصارًا كاملًا على الجيش المتحد للنمسا وترانسلڤانيا في موقعة زيرنست Zernest، وذلك في 11 أغسطس 1690م[44]. هذا الانتصار كسر الجيش النمساوي، وتحقق هدفه الأساس بتنصيب توكولي على ترانسلڤانيا[45]، ولو مؤقتًا.
أما الجيش الثاني فكان هو الجيش الرئيس للدولة العثمانية، وكان على رأسه الصدر الأعظم فاضل مصطفى باشا، وقد خرج من إدرنة في 13 يوليو متجهًا إلى صربيا[46]. اقتحم الجيش العثماني صربيا بحماسة عجيبة متناسيًا جراح الأعوام السبعة الماضية، ووصل إلى أول قلعة يسيطر عليها النمساويون في شرق الإقليم، وهي قلعة بايروت Pirot (55 كيلو متر شرق نيش)، فأسقطها في سهولة في 9 أغسطس[47]، وأتبعها بقلعة أخرى اسمها قلعة موسى باشا، ففتحها في 12 أغسطس، ومنها توجه إلى المدينة الرئيسة في جنوب صربيا وهي نيش. وصل الصدر الأعظم إلى نيش في منتصف أغسطس، وضرب الحصار حول المدينة التي كان يدافع عنها جيش صليبي يُقَدَّر بعشرة آلاف مقاتل معهم تسعون مدفعًا كبيرًا.
استمر الحصار ثلاثة وعشرين يومًا ثم سقطت المدينة في يد الجيش العثماني في 9 سبتمبر، وغَنِمَ المسلمون المدافع كلها[48]. كان انتصارًا عظيمًا رفع معنويات الجيش بشكل رائع، فلعل هذا هو الانتصار الحقيقي الأول منذ كارثة ڤيينا. من نيش أرسل فاضل مصطفى باشا الكتائب لإعادة فتح ڤيدين[49] في بلغاريا، وكذلك أورسوڤا Orșova (في رومانيا الآن)، ثم توجَّه هو إلى سمندرية المهمة. بعد حصار يومين سقطت المدينة في يده يوم 27 سبتمبر[50]! أكمل الجيش المنتصر طريقه متوجِّهًا إلى أهم وأحصن مدينة في وسط البلقان، بلجراد!
وصل الجيش المسلم إلى أسوار بلجراد العالية في أوائل أكتوبر 1690م. كان النمساويون قد أصلحوا الأسوار بشكل عظيم خلال العامين اللذين حكموا فيهما المدينة، كما زوَّدوا القلاع بثلاثمائة وستة وتسعين مدفعًا ألمانيًّا قويًّا. نصب الصدر الأعظم حول المدينة تسعة وأربعين مدفعًا ثم بدأ القصف فورًا[51]. تاريخ هذه المدينة في الحصار مشهور. لم ينجح السلطان الفاتح نفسه في فتحها عام 1456م، واحتاج سليمان القانوني في عام 1521م إلى شهر ونصف ليحقق الفتح، أما النمساويون فقد أسقطوها بعد شهر من الحصار عام 1688م. الآن يتمكن فاضل مصطفى باشا من فتح المدينة يوم 8 أكتوبر[52][53] بعد ستة أيام فقط من الحصار[54]!
كيف حدث هذا؟!
إنه الترتيب الرباني الذي لا يقدر عليه بشر! لقد سقطت قذيفة عثمانية على مخزن الذخيرة الرئيس للنمساويين في المدينة، فانفجر تمامًا[55][56]، وخسر الصليبيون ذخيرتهم كلها في لحظة، فأعلنوا الاستسلام! لم يقصف العثمانيون هذا المخزن عن عمد، ولكن التوفيق الذي صاحب الصدر الأعظم في خطواته الإدارية، والإصلاحية، كان مصاحبًا له في هذه الحملة العسكرية أيضًا. قال تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ [المدثر: 31]. سقط من النمساويين خمسة عشر ألف قتيل في هذا الفتح، وأُسِر منهم أعداد غفيرة، واستشهد من العثمانيين خمسة آلاف، ولكنهم غَنِموا غنائم كثيرة، كان منها كل المدافع الثقيلة في بلجراد، وكذلك اثنتي عشرة سفينةً حربيَّة في نهر الدانوب[57].
استغل الصدر الأعظم الحكيم الشلل النمساوي الذي أصابهم بعد الضربات المتتالية، وبسط سيطرته على كامل صربيا، بل اخترق جنوده حدود البوسنة ليستردوا ما كان الصليبيون قد أخذوه من عامين[58]. تعامل فاضل مصطفى باشا مع الشعب الصربي بحكمة توازي حكمته في القتال، فبذل جهدًا كبيرًا لاسترضائهم، وذلك عن طريق توزيع الحبوب الزراعية، والأطعمة، والحيوانات، وخاصة في الأماكن المتضررة من القتال[59]. كان الشعب الصربي يتوقَّع أذىً كبيرًا من العثمانيين بسبب تكوين الميليشيات الصربية التي تعاونت مع النمسا ضد الدولة العثمانية، ولكن العكس هو الذي كان. أدَّت هذه السياسة السلمية إلى هدوء الصرب، وعدم انخراطهم في أعمال عنف ضد المسلمين.
انتهت الحملة بنجاح باهر، وتوقفت العمليات العسكرية لقدوم الشتاء، وعاد الصدر الأعظم إلى إسطنبول[60]؛ ليشهد مع الشعب احتفالات النصر التي أقيمت للمرة الأولى منذ عام 1683م.
الاستعداد لاسترداد المجر، وموت السلطان سليمان الثاني (1691م):
كان الهدف الرئيس عند الصدر الأعظم، وهو الحاكم الفعلي للبلاد في هذه الحقبة، هو استرداد المجر، وهذا ما دعاه لإعداد جيش كبير لهذه المهمة مستغلًّا فترة الشتاء الهادئة. شهدت الدولة في هذه الفترة استقرارًا رائعًا، وعادت هيبة الدولة داخليًّا وخارجيًّا. ذُعِر التحالف الصليبي من هذه النتائج، وتوقعوا هجومًا على المجر، بل زادت مخاوفهم أن تكون انطلاقة مصطفى باشا القادمة إلى ڤيينا ذاتها! ظهر هذا الاهتمام واضحًا في جهدهم الكبير في زيادة تحصينات مدينتي بودا، وڤيينا[61]، كما بدأوا في إعداد جيش مناسب لمواجهة الجيش المسلم المتوقَّع، هذا على الرغم من انشغال النمسا بحرب فرنسا على جبهتها الغربية عند نهر الراين.
وقع السلطان سليمان الثاني فريسة المرض الشديد في أوائل عام 1691م[62]، وكان ملازمًا الفراش معظم الأوقات. اضطر الصدر الأعظم إلى الخروج من إسطنبول بجيشه يوم 14 يونيو متجهًّا لجبهة المجر. كان يخشى أن تطول العمليات العسكرية ويدخل الشتاء[63].
بعد ثمانية أيام فقط من خروج الصدر الأعظم بالجيش، وفي 22 يونيو، مات السلطان سليمان الثاني[64] قبل أن يبلغ الخمسين بعام واحد. هكذا شاء الله أن يموت سعيدًا على الرغم من أنه استلم الحكم في واحدة من أشدِّ لحظات الدولة العثمانية حزنًا وتعاسة[65].
[1] Ağa, Silahdar Fındıklılı Mehmed: Silâhdâr Tarihi, Editor: Ahmet Refik Altınay, Istanabul, 1928.. 2, p. 297.
[2] سرهنك، إسماعيل: حقائق الأخبار عن دول البحار، المطابع الأميرية، بولاق، مصر، الطبعة الأولى، 1312هـ=1895م. الصفحات 1/605، 606.
[3] مانتران، روبير: الدولة العثمانية في القرن السابع عشر: اتجاه إلى الاستقرار أم انحدار، ضمن كتاب: مانتران، روبير: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: بشير السباعي، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة–باريس، الطبعة الأولى، 1993م (ب). الصفحات 1/375، 376.
[4] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول، 1988 صفحة 1/557.
[5] سرهنك، 1895 صفحة 1/606.
[6] حليم، إبراهيم: التحفة الحليمية في تاريخ الدولة العلية، مطبعة ديوان عموم الاوقاف، القاهرة، الطبعة الأولى، 1323هـ=1905م. صفحة 143.
[7] مانتران، 1993 (ب) الصفحات 1/375، 376.
[8] Gavrilović, Slavko: Isaija Đaković (in Serbian), Zbornik Matice Srpske za Istoriju, 2006., p. 74.
[9] Wilson, Peter H.: German Armies: War and German Politics, 1648-1806, Taylor & Francis Group, London, UK, 2003., p. 363.
[10] Ilić-Agapova, Marija: Ilustrovana istorija Beograda (in Bosnian), Dereta, Belgrade, Serbia, 2002., p. 126.
[11] Ward, Sir Adolphus William; Prothero, G. W.; Leathes, Stanley & Acton, Lord: The Cambridge Modern History, Cambridge University Press, Cambridge, UK, 1908., vol. 5, p. 368.
[12] سرهنك، 1895 صفحة 1/606.
[13] Samardžić, Nikola: The Emergence of the Baroque in Belgrade, In: Ingrao, Charles W.; Samardžić, Nikola & Pešalj, Jovan: The Peace of Passarowitz, 1718, Purdue University Press, West Lafayette, Indiana, USA, 2011 (B).p. 256.
[14] بروكلمان، كارل: تاريخ الشعوب الإسلامية، ترجمة: نبيه أمين فارس، منير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الخامسة، 1968م. صفحة 521.
[15] أوزتونا، 1988 صفحة 1/558.
[16] أوزتونا، 1988 صفحة 1/558.
[17] أوزتونا، 1988 صفحة 1/559.
[18] Black, Jeremy: The Cambridge Illustrated Atlas of Warfare: Renaissance to Revolution, 1492-1792, Cambridge University Press, New York, USA, 1996., vol. 2, p. 36.
[19] حليم، 1905 صفحة 143.
[20] آق كوندز، أحمد؛ وأوزتورك، سعيد: الدولة العثمانية المجهولة، وقف البحوث العثمانية، إسطنبول، 2008م. صفحة 328.
[21] أوزتونا، 1988 صفحة 1/560.
[22] Hötte, Hans H.A.: Atlas of Southeast Europe: Geopolitics and History, Brill, Leiden, Netherlands, 1521-1699, Edited by: Colin Heywood, 2015, vol. 1, p. 15.
[23] سرهنك، 1895 صفحة 1/606.
[24] Hötte, 2015, vol. 1, p. 15.
[25] سرهنك، 1895 صفحة 1/606.
[26] أوزتونا، 1988 صفحة 1/560.
[27] Hötte, 2015, vol. 1, p. 15.
[28] سرهنك، 1895 صفحة 1/606.
[29] Katardzhiev, Ivan: A History of the Macedonian People, Translated: Graham W. Reid, Macedonian Review, Skopje, North Macedonia, 1979., p. 96.
[30] أوزتونا، 1988 صفحة 1/560.
[31] Black, Jeremy: The Cambridge Illustrated Atlas of Warfare: Renaissance to Revolution, 1492-1792, Cambridge University Press, New York, USA, 1996., vol. 2, p. 104.
[32] أوزتونا، 1988 صفحة 1/561.
[33] آق كوندز، وأوزتورك، 2008 صفحة 328.
[34] أوزتونا، 1988 صفحة 1/560.
[35] آق كوندز، وأوزتورك، 2008 صفحة 328.
[36] Ágoston, Gábor: Süleyman II (b. 1642—1691) (r. 1687–1691), In: Ágoston, Gábor & Masters, Bruce Alan: Encyclopedia of the Ottoman Empire, Infobase Publishing, New York, USA, 2009 (L).p. 547.
[37] أوزتونا، 1988 صفحة 1/562.
[38] Ágoston, 2009 (L), p. 547.
[39] Ágoston, Gábor: Ahmed II (b. 1643–d. 1695) (r. 1691–1695), In: Ágoston, Gábor & Masters, Bruce Alan: Encyclopedia of the Ottoman Empire, Infobase Publishing, New York, USA, 2009 (B).p. 24.
[40] آق كوندز، وأوزتورك، 2008 صفحة 328.
[41] ديورانت، ول: قصة الحضارة، ترجمة: زكي نجيب محمود، وآخرين، تقديم: محيي الدين صابر، دار الجيل-بيروت، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم-تونس، 1408هـ=1988م. صفحة 33/ 87.
[42] Ágoston, 2009 (L), p. 547.
[43] Börekçi, Günhan: Köprülü family, In: Ágoston, Gábor & Masters, Bruce Alan: Encyclopedia of the Ottoman Empire, Infobase Publishing, New York, USA, 2009 (C).p. 317.
[44] Encyclopaedia Britannica, Encyclopaedia Britannica, inc, London, UK, Vol. 11, 1994., vol. 11, p. 712.
[45] سرهنك، 1895 صفحة 1/606.
[46] أوزتونا، 1988 صفحة 1/562.
[47] Părvev, Ivan: Habsburgs and Ottomans Between Vienna and Belgrade: (1683 - 1739), Eastern European Monographs, 1995., p. 96.
[48] أوزتونا، 1988 صفحة 1/562-563.
[49] سرهنك، 1895 صفحة 1/606.
[50] Somel, Selçuk Akşin: The A to Z of the Ottoman Empire, the Scarecrow press, Lanham, MD, USA, 2010., p. xlix.
[51] أوزتونا، 1988 صفحة 1/563.
[52] بروكلمان، 1968 صفحة 521.
[53] مانتران، 1993 (ب) صفحة 1/376.
[54] Jaques, Tony: Dictionary of Battles and Sieges, Greenwood Press, Westport, CT, USA, 2007., vol. 1, p. 126.
[55] Hötte, 2015, vol. 1, p. 16.
[56] Jaques, Tony: Dictionary of Battles and Sieges, Greenwood Press, Westport, CT, USA, 2007., vol. 1, p. 126.
[57] أوزتونا، 1988 صفحة 1/563.
[58] Chaurasia, Radhey Shyam: History of Europe: 1649-1789, Volume 2, Atlantic Publishers & Distributors, New Delhi, India, 2002., vol. 2, p. 157.
[59] أوزتونا، 1988 صفحة 1/563.
[60] آق كوندز، وأوزتورك، 2008 صفحة 329.
[61] أوزتونا، 1988 صفحة 1/563.
[62] سرهنك، 1895 صفحة 1/606.
[63] أوزتونا، 1988 صفحة 1/564.
[64] كولن، صالح: سلاطين الدولة العثمانية، ترجمة: منى جمال الدين، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1435هـ=2014م. صفحة 199.
[65] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 2/ 763- 775.
لشراء كتاب قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط يرجى الاتصال على الرقم التالي: 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك