ملخص المقال
أصبحت بريطانيا الدولة الأولى في «مجموعة السبع» التي تعلن انكماش اقتصادها رسميًّا في ظل الأزمة المالية العالمية الأكبر منذ 80 عامًا
أصبحت بريطانيا الدولة الأولى في «مجموعة السبع» التي تعلن انكماش اقتصادها رسميًّا في ظل الأزمة المالية العالمية الأكبر منذ 80 عامًا، ما أشاع الرعب في الأسواق، والشعور بالأزمات في الدول الناشئة من البرازيل إلى الهند وروسيا، وسط كثافة بيع للأسهم والمعادن في مختلف البورصات الآسيوية والأوربية، وتراجع قيم العملات الرئيسية مقابل الدولار الذي يحمل زخمًا موقتًا، مع اقتناع المستثمرين بأنه لا يزال «عملة الملاذ» في الأزمات. وراوحت نسبة انهيار مؤشرات البورصات الآسيوية والأوربية في الجمعة 24 أكتوبر «الجمعة الحزينة» ، التي وصفها نائب حاكم «بنك إنجلترا» بأنها «الأسوأ في تاريخ البشرية»، بين 8 و10 % في حين اضطرت إدارات البورصات الأمريكية «الكئيبة» إلى تعليق عمليات البيع الإلكتروني قبل فتح السوق بعدما تراجع «داو جونز» 550 نقطة في العقود الآجلة ما دفع حجم الخسائر أمس إلى 1.5 تريليون دولار وخسائر الشهر الجاري إلى 10 تريليونات دولار، أي ثلث الخسائر المسجلة للسنة الجارية والمقدرة بنحو 30 تريليون دولار من بينها 660 مليار دولار خسائر أسواق 48 دولة ناشئة من ضمنها الأسواق الخليجية، والتي يتوقع أن تتراجع مؤشراتها اليوم وغدًا عند استئناف التداول. ومع هبوط المؤشر العام للأسواق الدولية الجمعة 24 أكتوبر إلى أدنى مستوى منذ 2003م وسط توقعات اقتصادية قاتمة في مختلف أنحاء العالم، وتراجع عائد السندات الأمريكية لثلاثين سنة إلى أدنى مستوى في 31 عامًا ارتفعت قيمة الين مقابل الدولار إلى أعلى مستوياتها في 13 عامًا ما أشاع القلق في أوساط المصدرين إلى أسواق الولايات المتحدة الزبون الأول للبضائع اليابانية، وجرى تبادل الدولار عند 92.68 ين، في حين كان سعره الخميس 97.27 ين، ما دفع مؤشر نيكاي إلى أدنى من مستوى 8 آلاف نقطة للمرة الأولى منذ خمس سنوات، وأقفل عند 7649 نقطة، في حين أقفل مؤشر «فايننشال تايمز - 100» متراجعًا 5.6 %، و «داكس» الألماني 4.96 %، و «كاك - 40 الفرنسي» 3.54 %، وكان مؤشر «داو جونز» متراجعًا عند السادسة بنسبة 2.57 %. ولم يسلم الإسترليني من ذيول الانكماش؛ إذ تراجع سعر صرفه إلى أدنى مستوى منذ 1971، في حين تراجعت العملة الأوربية الموحدة، متأثرة بالقلق من انكماش اقتصادي مماثل في مجموعة اليورو، وجرت مبادلاتها عند سعر 1.245 دولار لليورو وهو الأدنى منذ عامين بعدما كان اليورو سجل مطلع السنة 1.60 دولار. وما لفت النظر، وعلى رغم قرار «أوبك» خفض إنتاجها بمعدل 1.5 مليون برميل يوميًا اعتبارًا من مطلع الشهر (راجع خبر أوبك) إلى 27.308 مليون برميل يوميًّا، تم تداول العقود الآجلة للنفط لكانون الأول (ديسمبر) بسعر 50 دولارًا للبرميل بعدما تراجع السعر إلى 62.65 دولار في عقود الشهر المقبل. وفي ضوء الأزمة الحالية قد يُشجع الإسترليني الرخيص - والأسهم المتداولة في بورصة لندن التي تراجعت إلى مستويات لم تعرفها حتى بعد الاعتداءات الإرهابية على قطارات الأنفاق في تموز (يوليو) 2007م - المستثمرين على ضخ أموالهم في الأسواق وشراء الأصول البريطانية على أساس أنها «استثمار طويل الأمد»، بعدما تبين أن «الانكماش الشامل سيعم العالم الصناعي» نهاية العقد الجاري، ما سيستدعي خفض الفوائد على مختلف العملات الرئيسية، وأن «صحوة الدولار» الحالية - قبل الانتخابات الرئاسية - موقتة، وأن الدولار سيعود إلى التراجع في بدء ولاية الرئيس المقبل. وقال بول روبنسون من «باركليز كابيتال» في لندن: «تراجع قيمة الإسترليني 10 % مقابل الدولار مبالغ فيها، ولا بد من صحوة للعملة الإنجليزية بعد قرار الفائدة المتوقع مطلع الشهر المقبل». وكان الإعلان عن انكماش الاقتصاد البريطاني صباح أمس، وفي الربع الثالث من السنة، بمعدل نصف نقطة مئوية فُسّر بأنه دخول في مرحلة الركود أو «اتجاه إليها» كما شدد روبنسون، مشيرًا إلى أن نتائج الربع المقبل ستُثبت ما قاله حاكم «بنك إنجلترا» ميرفين كينج أو رئيس الوزراء جوردون براون عن أن الركود على مشارف الاقتصاد. وفور إعلان إحصاءات الناتج المحلي عن الربع الثالث من العام تراجع الإسترليني إلى مستويات فاقت تراجعه أمام سلة عملات عندما اضطرت بريطانيا إلى الانسحاب من «آلية الصرف الأوربية في (سبتمبر) 1992، وأدى ذلك إلى «تعويم» قيمة العملة في ما عرف باسم أزمة «أيلول الأسود». ومع بلوغ الإسترليني مستوى 1.5269 دولار سارع المستثمرون في العملات إلى شراء الجنيه ما رفع مستوياته بمعدل بسيط أمام الدولار واليورو في وقت انهار مؤشر بورصة لندن إلى مستويات غير مسبوقة منذ أزمة العام 1971. عندما اضطرت لندن إلى الاستعانة بوديعة كويتية بالإسترليني لتثبيت سعر الجنيه . ومع الانكماش الاقتصادي والاتجاه إلى الركود سارع الاقتصاديون ورجال الأعمال، خاصة الصغار منهم، إلى مطالبة «بنك إنجلترا» بخفض الفائدة على الإسترليني بوتيرة أسرع من مستواها الجاري عند 4.5 % إلى 2.5 % في موعد أقصاه يونيو 2009م، كما قال برايان هيليارد من «بنك سوسيتيه جنرال» في لندن. من جهة ثانية قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الجمعة 24 أكتوبر: إن وزراء مال وخزانة «الدول الأغنى في العالم والدول الناشئة» سيعقدون اجتماعًا مطلع الشهر المقبل في البرازيل لمناقشة الأزمة، قبل انعقاد قمة العشرين في الخامس عشر من الشهر في مبنى المتحف الوطني في واشنطن. الحياة اللندنية 25 / 10 / 2008م
التعليقات
إرسال تعليقك