شهادات
العظماء والمنصفين
الإسلام دين حق، براهينه ساطعة، ودلائله واضحة، وجذوره ثابتة، يؤمن المسلمون بعظمته، ويشهد له العدو والحبيب، وشهادات المسلمين تعتبر مجروحة عند الذين لا يعرفون ديننا، أو حضارتنا، أو رسولنا، وهذه بوابة ترصد شهادات المنصفين من أعلام الغرب والشرق قديمًا وحديثًا من ديانات وملل مختلفة في إنصاف الإسلام وفي القرآن وفي الرسول صلى الله عليه وسلم وحضارة المسلمين، خاصة المشهورين المرموقين عند بني جلدتهم، الموثوق فيهم علميًا.
ملخص المقال
شهادة المستشرقة البريطانية كارين أرمسترونج في القرآن الكريم, وذلك في كتاب سيرة النبي محمد، وهو شهادة كبرى في حق القرآن الكريم
من أشهر ما ألفت المستشرقة البريطانية كارين أرمسترونج (Karen Armstrong) (1) كتاب (سيرة النبي محمد = Mohammad a biography of Mohammad)، وهو شهادة كبرى في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم والحضارة الإسلامية.
وتقول المستشرقة البريطانية كارين أرمسترونج في شهادتها في حق القرآن:
أخلاق قرآنية:
"فالقرآن دائما يحث المسلمين على الصبر، وعلى تحمل معاناتهم بجلد وكرامة، كما أنّه يوضح أن عليهم ألا يتحينوا الفرص للانتقام الشخصي من أعدائهم"(2).
قد لا يتذوق الغربي جمال القرآن:
"ويرى الغربيون صعوبة فهم ذلك، فقد رأينا كتابا مثل: جيبون، وكارليل، وكانوا متعاطفين إلى حد معقول مع الإسلام، يتحيرون إزاء القرآن، وذلك في حد ذاته ليس بالأمر المستغرب؛ إذ إنه من الصعوبة بمكان تذوق الكتب المقدسة للحضارات الأخرى"(3).
"أما في حالة القرآن فهناك بالإضافة صعوبة الترجمة فإن أجمل أشعار شكسبير -مثلاً- غالبًا ما تبدو تافهة في ترجمتها إلى لغات أخرى؛ إذ إنه من الصعب نقل الشعرية الخاصة بها إلى تعبيرات أجنبية.
أما العربية فهي لغة من الصعب ترجمتها، وفي هذا الصدد يقول العرب: إنهم يجدون قصائد وقصصًا في لغتهم الأصلية أمتعتهم غير مستوعبة في ترجمتها إلى لغات أخرى؛ فإن العربية شيئًا ما لا يمكن نقله إلى الاستعمالات اللغوية الأخرى. وهكذا -مثلاً- تبدو الخطب السياسية للساسة العرب متكلفة وغريبة في ترجمتها الإنجليزية، فإن كان ذلك صحيحًا بالنسبة للغة العربية العادية، وللأقوال الدنيوية، والآداب التقليدية، فإن صحة ذلك تتضاعف في حالة القرآن؛ حيث اللغة مركبة بقدر عال، وهي -أيضًا- مكثفة ومحملة بالإيماءات، ويقول العرب الذين يتحدثون الإنجليزية بطلاقة: إنهم حينما يقرءون القرآن في ترجمته الإنجليزية يشعرون أنهم يقرءون كتابًا مختلفًا اختلافًا كليًّا"(4).
ولكن..
"لكن ذلك لا يعني أن نكون صلفين ونتجاهل القرآن، فإن القرآن لا يُقرأ مثل غيره من الكتب، ويقول المؤمنون: إنّ القرآن إذا قرئ بالطريقة الصحيحة فإنه يترك حسًّا بحضور سماوي، ومن الصعب على شخص نشأ في التقاليد المسيحية فهم ذلك"(5).
وإليكم دليل!
"ويمكن ملاحظة قوة القرآن من خلال تغيير شعوب كثيرة في الإمبراطورية الإسلامية للغاتها واستبدالها باللغة المقدسة للكتاب المقدس"(6).
{لا يأتيه الباطل} [فصلت: 42].
"فحينما يسمع المسلمون تلاوة سورة قرآنية في المسجد، فإن تلاوة واحدة كتلك تستدعي معها كل مبادئ عقيدتهم، وإلى جانب ذلك فإن غير المسلمين قد يجدون القرآن مصدرًا هامًّا للمعلومات عن محمد صلى الله عليه وسلم، ورغم أنه لم يتم جمعه رسميًّا إلا بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم، فالقرآن لا تنقصه المصداقية؛ فالدارسون المحدثون المختلفون، والذين أمكنهم تأريخ مختلف السور بدرجة معقولة من الدقة، يوضحون -مثلاً- أن السور المبكرة جدًّا تعالج مشكلات خاصة قابلها محمد صلى الله عليه وسلم، والدين بعد في مراحل الصراع الأولى، أما بعد ذلك فقد أصبح بالإمكان طرح تلك الصعوبات جانبًا، بعد أن قويت دعائم الدين وانتصر، ومن هنا نجد في القرآن تأملاً وتعليقًا على الرسالة المحمدية، الأمر الذي يعتبر فريدًا في تاريخ الأديان"(7).
المصدر: كتاب (وشهد شاهد من أهلها) للدكتور راغب السرجاني.
1- كارين أرمسترونج (Karen Armstrong): (14 نوفمبر 1944م-...) كاتبة بريطانية وباحثة في علم الأديان، ولدت في ويلدمور في مقاطعة ورسيسترشاير، ألَّفت العديد من الكتب في مقارنة الأديان، من مؤلفاتها: (تاريخ الله)، (الكتاب المقدس.. سيرة ذاتية)، و(التحول الكبير.. بداية تعاليمنا الدينية)، و(سيرة النبي محمد). انظر: د. راغب السرجاني: وشهد شاهد من أهلها، ص.
2- كارين أرمسترونج: سيرة النبي محمد، ص19.
3- السابق، ص198.
4- كارين أرمسترونج: سيرة النبي محمد، ص77.
5- السابق، ص77، 78.
6- السابق، ص78.
7- السابق، ص79.
8- كارين أرمسترونج: سيرة النبي محمد، ص79، 80.
التعليقات
إرسال تعليقك