جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
لماذا يقتل أئمة المساجد في العراق مقال بقلم د. بسام الشطي، يبين سبب قتل أئمة مساجد أهل السنة في العراق منذ أن سقط حكم صدام، فما السبب؟ وما حرمة دم المسلم؟
منذ أن سقط حكم البائد صدام وأئمة مساجد أهل السُّنَّة في العراق يُحاربون، فتم إصابة وجرح وتعذيب 277 إمامًا منهم 146 في مدينة بعقوبة شمال العراق.. ومن تقتلهم عناصر أحزاب موالية لإيران، وأحيانًا من القاعدة عندما يختلفون معهم وعددهم 15 إمامًا وخطيبًا بعد أن تلقوا رسائل تهديد.
فالإمام وخطيب المسجد قد تأسس على بنيان متين وكسب خبرة واسعة، ويثق الناس بعلمه، فهو كالشمعة تحترق لتضيء للآخرين، وهو قدوة وأسوة صالحة يؤدي رسالته بصدق وإخلاص ويراعي نشر العلم الصحيح، ويتصدر لحمل أمانة الفتوى وتبليغ دين الله عز وجل، ويصلح بين الناس وينزع فتيل الأزمات، ويجمع ولا يفرق، ويقرب ولا يباعد، ويتحرى السنة ويطبقها، ويدعو الناس إلى تطبيقها، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويراعي أحوال الناس ويحل مشكلاتهم، ويتحلى باللسان الجميل والكلام العذب، ويتحمل الأعباء الكثيرة ويحرص على رسم الابتسامة على وجوه الجميع، وقد يأخذ الأموال من الأغنياء ويردها إلى الفقراء، وقد يعقد الزواج داخل المسجد..
ويثبت الناس على الدين ويوجههم في المناسبات، ويقوم بتحفيظ القرآن الكريم وتعليمه وتفسيره، وقد يقيم حلقات للأطفال وللرجال وللنساء، وقد يكوِّن مكتبة داخل المسجد صوتية وبها كتب، ويزور الناس ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم، ويتعاون معهم على البر والتقوى، ويقيم مسابقات بهدف نشر العلم النافع.. هذه وغيرها بعض مهام إمام المسجد المسلم.. فإذا كان قتل المسلم كبيرة، فكيف بإمام وخطيب وعالم يقتل؟!
ففي الحديث: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة"[1].
فالذي يقتل إمامًا صالحًا فجزاؤه غضب الله عليه والخلود في نار جهنم؛ قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
بل هم ليسوا من أتباع النبي ولا آل بيته الأطهار؛ ففي الحديث الشريف: "إن الله قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب"[2].
فإذا كان ترويع المسلم جريمة فكيف بقتله؟! "لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا"[3].
فالإمام معلم ومربٍّ، وقتله يترك ثُلْمة في الصدور ويخلق فتنة بين الناس، ولا توجد آية أو حديث أو أثر يدعو إلى الاعتداء على الرجل في دُور العبادة وإن كان على الباطل، فكيف إذا كان الإمام على الحق وفي المسجد؟! قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 94].
لقد ملأ قلوبهم الحقد والسواد والبغض والكراهية فأرادوا حرق قلوب أهل السنة بقتل أئمتهم؛ حتى ينتهي العلماء فيتخذ الناس رءوسًا جُهَّالاً ليفتوهم بغير علم، ألا ساء ما يعملون!!
وللأسف أيضًا أن يكون هذا من منطلق عقائدي ديني، ولم يفتِ أحدٌ من أئمتهم بحرمة الاعتداء على المساجد وعلى أئمة المساجد منذ ذلك الوقت! وللأسف أن هناك نصوصًا في كُتُبهم تدعو إلى قتل "الناصبي" ثم يقولون: إنهم لا يكفرون!!
نحن ندعو سرًّا وجهرًا إلى أن قتل النفس محرمة إلا فيما أوضحه الحديث، ويقوم به الحاكم أو من ينوب عنه حتى لا تكون فوضى؛ ففي الحديث "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها، سفك الدم الحرام بغير حله"[4]. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا"[5]. وفي الحديث: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق"[6].
نسأل الله عز وجل أن يحقن دماء المسلمين، ويصلح ذات بينهم، ويبدلهم من بعد الخوف أمنًا، ومن بعد الظلم عدلاً، ومن بعد العسر يسرًا.
المصدر: مجلة الفرقان الكويتية.
روابط وذات صلة:
- خطر الشيعة
- حقيقة الشيعة ومعتقداتهم
- حرمة الدماء في الإسلام
- مأساة أهل السنة في العراق
- نظرة الشيعة إلى أهل السنة
- خيانات الشيعة لآل البيت
- القاعدة صنيعة إيران تغتال علماء العراق
- التسامح السني والطغيان والظلم الشيعي
التعليقات
إرسال تعليقك