جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
حوار مع الداعية الإسلامي البحريني الشيخ حسن الحسيني يتناول العديد من الأحداث الجارية في البحرين والعالم الإسلامي، مؤكدا أن ضرب إيران أكذوبة كبرى
قال الداعية الإسلامي البحريني الشيخ حسن الحسيني عضو رابطة علماء الشريعة بالخليج -والذي زار المملكة العربية السعودية مؤخرًا-: إن القضية السورية هي عبارة عن حلقة في سلسلة بدأت في الفترة الأخيرة من نهضة الأمة وإلقاء غطاء العبودية عن كاهلها، وهي أطول ثورة حتى الآن، لكن بفضل الله نجد أن من ثمار هذه الثورة المباركة هي عودة الشعب السوري إلى ربّه. ووصف تهديد الكيان الصهيوني بضرب إيران بأنها أكبر كذبة؛ فإيران لن تُضرب، وكيف تُضرب وهي اليد اليمنى لأمريكا في المنطقة، وهي البعبع التي تخيف به أمريكا دول الخليج.
وإلى نص الحوار...
** نريد من فضيلتكم التعريف بالشيخ حسن الحسيني؟
- أنا خريج جامعة الإمام أحمد بن سعود، ماجستير من كلية الدعوة في الفكر والتاريخ الإسلامي، وحاليًّا أدرس دكتوراه أيضًا في الفكر والتاريخ الإسلامي عن العلاقة بين آل البيت والصحابة. الجنسية البحرين.
** ما هي مشاركات وأنشطة فضيلتكم؟
- مؤسس مع بعض الأصدقاء والزملاء في البحرين جمعية الأهل والأصحاب، وهي تُعنى بالعلاقة بين آل البيت والصحابة وبيان فضائلهم، ومؤخرًا أسست مع أخي الدكتور نبيل العوضي قناة "شامنا"، وهي عبارة عن قناة سورية إسلامية تهتم بالقضية السورية حاليًّا، وعملها الأساسي سيبدأ بعد سقوط نظام بشار الأسد إن شاء الله، وهي قناة محلية خاصة بأهل الشام مثل قناة الرحمة والناس الخاصة بالمصريين، وقناة طيبة الخاصة بالسودانيين.
أيضًا دخلت في مجال الدراما، فكان لي بعض المشاركات الاستشارية من الناحية التشريعية والتاريخية في إنجاز بعض الأعمال.
والآن جاري التنسيق والتحضير لعمل درامي عن الإمام أحمد بن حنبل، عبارة عن مسلسل درامي تاريخي لسيرة هذا الإمام وموقفه من المحنة، وسيظهر إن شاء الله في أبهى صورة.
** كيف ننتصر في سوريا ؟
- بداية القضية السورية هي عبارة عن حلقة في سلسلة بدأت في الفترة الأخيرة من نهضة الأمة وإلقاء غطاء العبودية، كما رأينا في تونس الشعب المظلوم من جميع النواحي الدينية والاجتماعية، فنفض عن نفسه غبار التبعية والظلم والاستبداد، ثم سارت هذه الحركة لتشمل مصر ثم ليبيا ثم اليمن، وأخيرًا في سوريا.
ولاحظنا ذلك في الشعارات التي يرفعونها في كل جمعة، فنجد أنها مستمدة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومن نفس الجيش الحر في كلماته وخطاباته، فطول هذه الفترة جعلت هناك تمحيص للصفوف السورية، وهذه مبشرات النصر؛ فالنصر لن يكون حليفنا وحليفهم إلا بالعودة إلى كتاب الله وسنة نبيه الكريم، وكما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
** من خلال القضية السورية هل أصبحت الحرب واضحة الآن بين السنة والشيعة؟
- أعتقد أن القضية الآن عندنا أكبر من موضوع الحرب بين السنة والشيعة، وهي المؤامرة على هذا الدين العظيم، نجد أن هناك مدًّا صفويًّا ومشروعًا صفويًّا كبيرًا، وهذا المشروع ليس ببعيد عن مؤامرات الدول الغربية؛ فمثلاً عندنا في البحرين كان هناك مؤامرة تحت استغلال هذه الثورات، وكانت هناك حركة 14 فبراير وتقف وراءها إيران وأمريكا وبريطانيا، وكانت الاجتماعات التي تتم للإطاحة بالنظام في البحرين في السفارة الأمريكية، فالعدو الواضح هو إيران، لكن هناك قوى ورائها تدعمها للسيطرة على هذه المنطقة الغنية ليس بالنفط فقط، وإنما بمواقفها ضد إيران.
فلا شك أن إيران أصابعها واضحة في المنطقة، وهي تسعى للبدر الشيعي وليس الهلال الشيعي؛ أي محاصرة المنطقة شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالاً، فبدأت بالعراق ثم سوريا ثم لبنان ثم الآن في مصر والسودان، ثم اليمن عن طريق الحوثيين والبحرين، فالمؤامرة الآن واضحة.
** وما هو الحل لانتشار البدر الإيراني؟
- حينما أرسل وزير خارجية البحرين تغريدة على توتير بمناسبة زيارة أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية، وقال فيها: إلى متى سوف تستفز إيران الدول الخليجية؟ رددتُ عليه بتغريدة قلت فيها: إلى أن يكتب أهل الخليج مشروعهم!
فإيران تنفذ مشروع ليس وليد اليوم وإنما منذ ما يقرب من 50 سنة، وتسير على خارطة طريق لتنفيذه، لكن أين أهل الخليج؟ أين مشروعهم؟ أين الأمة العربية؟ وأين مشروعهم؟ أين الأمة الإسلامية؟ وأين مشروعهم؟ فنحن نحتاج مشروعًا يقاوم هذا المشروع الإيراني وهذا المد الصفوي والأمريكي.
** ما تعليق فضيلتكم على تهديد إيران باجتياح الكويت في حالة سقوط نظام بشار؟
- التصريح هذا شيء منطقي من طاغية الشام، وعلى المسئولين في الخليج أن يدركوا جيدًا هذه المسألة، فهناك بعض الأصوات في الخليج تقول إنه إذا سقط بشار سوف نرتاح لأنّه سوف ينكسر الهلال الإيراني، لكن أنا لي نظرة أخرى، فأخطر عدو من الممكن أن تقابله هو الأسد الجريح؛ لأنه يكون أكثر شراسة، ولا نتخيل أبدًا أن إيران الآن تضع يدها على خدِّها، وتنتظر سقوط نظام بشار، بل هي لديها البديل الجاهز والخطط البديلة والسيناريوهات في حال سقوطه في أي وقت على المدى البعيد أو القريب..
فهي تعرف أن النظام سيسقط، لكنها تحاول أن تمده إلى أطول فترة ممكنة، وسيكون البديل القادم بالطبع هو العراق، ونحن نقول دائمًا: إنه بسقوط نظام الأسد سوف تشتعل منطقة الخليج والخلايا النائمة سوف تستيقظ.
** توقعات بضرب إيران.. ما تعليق فضيلتكم على ذلك؟
- هذه أكبر كذبة؛ فإيران لن تُضرب، وكيف تُضرب وهي اليد اليمنى لأمريكا في المنطقة، وهي البعبع التي تخيف به أمريكا دول الخليج؟!!
والأدلة كثيرة، فمنذ بوش الأب كنا نسمع عن ضرب إيران ولم يحدث، ثم جاء كلينتون وظل طيلة ثماني سنوات يتكلم عن ضرب إيران ولم يحدث، ثم بوش الابن الذي ظل يتكلم عن المفاعل النووي الإيراني وعن ضرب إيران ولم يحدث، وأخيرًا أوباما ولم يضرب إيران، فلن تُضرب إيران ما دامت تحقِّق مصالح أمريكا.
** ماذا عن المشروع الإصلاحي في البحرين ؟
- طرح جلالة الملك المشروع الإصلاحي، ونحن نشكر له هذا، وقلنا إنه لا يمكن أن نفصل مشروع الإصلاح السياسي عن الإصلاح الديني عن الإصلاح الأخلاقي، الكل مرتبط ببعض، فنحن نطالب بأن يكون مشروعًا واقعيًّا لا نتغنى به فقط، بل يكون مشروع فعّال.
فعندنا في البحرين الكثير من المشاكل ومنها المد الصفوي الذي قال عنه جلالة الملك إنه موجود منذ ثلاثين سنة، وقسّم البحرين إلى قسمين: أهل الفاتح، وأهل الدوار، فما كان دور الحكومة طيلة هذه الفترة؟ وما هي الضمانات للشعب البحريني ألاّ يحدث هذا مستقبلاً؟
إذن نحن نحتاج إلى مشروع إصلاحي شامل سياسي وأخلاقي وديني.
- هل أخذ الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من حجمه؟ أم إنها خطه غربية للتغطية على مجازر النظام السوري؟
- لا شك أن مقام النبي عليه الصلاة والسلام محفوظ، قال تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3]، وقال أيضًا: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، وقال أيضًا: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95]. نصوص واضحة في كتاب ربنا سبحانه أن مقامه صلى الله عليه وسلم محفوظ، فهو لا يحتاج فقد قال تعالى: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 40].
فهو منصور صلى الله عليه وسلم وقضيته منتشرة، لكن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده ليمحصهم، وسبحان الله هم يخططون لأمرٍ والذي يحصل دائمًا لصالح المسلمين! وكون هؤلاء الممثلين ظهروا واعتذروا حتى وإن كانوا كاذبين، لكنه في الحقيقة نصرة للرسول صلى الله عليه وسلم، فلا بد ألاّ نقف في وجه السيل، بل لا بد من التوجُّه الصحيح بنصرة نبينا صلى الله عليه وسلم بالتعريف بسنته ونشر دعوته بكل الوسائل المتاحة، فلا يعقل أن نخرِّب وبعد ذلك نعتذر ونحن الطرف الأقوى، فالمظاهرات السلمية حق مشروع، لكن التخريب وإحراج الحكومات شيء غير مقبول على الإطلاق، بل يسيء إلى ديننا ولن ينصر نبينا بشيء.
** بناء أكبر مجمع كنائسي في الشرق الأوسط في البحرين أثار سخطًا شعبيًّا، أليس كذلك؟
- هذا خطر جديد يهدد ديننا وهويتنا، وهو عبارة عن مشروع فاتيكاني يعتبر مؤامرة على البحرين، يمثل جميع الطوائف النصرانية وتحت إشراف الفاتيكان مبنيّ على 9000 متر مربع وبإهداء من الحكومة، في وقت نعاني فيه أزمة في السكن في البحرين.
وكنت قد تكلمت في تغريدة قلت فيها: كيف تُبنى أكبر كنيسة في الشرق الأوسط في أصغر دولة؟!! مع العلم أنه عندنا 20 كنيسة مقابل 70 مسجدًا، وأنا أبلغت الإخوة المشايخ هنا في السعودية وبعضهم من دار الإفتاء السعودية بهذا الخطر؛ لأن هذه الكنيسة ليس خطرها على البحرين فقط، وإنما على دول الخليج ككل وعلى رأسها السعودية.
** لماذا هذه الكنيسة الكبرى؟
- هذا مشروع توسعي، ونحن في البحرين أصدرنا بيانًا ووقّع عليه أكثر من 75 عالمًا وقاضيًا وداعيًا حول أخطار هذه الكنيسة؛ فالمشروع الإصلاحي لا يمكن أن يتم إلا إذا استوعبنا الخطر السياسي والخطر الأخلاقي والخطر الديني من هذا المشروع التوسعي الفاتيكاني، فهذه الزوايا الثلاثة في المشروع الإصلاحي ترتبط بعضها ببعض، ولا يمكن أن تتم أيّ منهم دون الآخر.
المصدر: شبكة رسالة الإسلام.
التعليقات
إرسال تعليقك