ملخص المقال
الإسلام فوبيا ومدنية الدولة مقال يؤكد أن الغرب لم يتفق إلا على حرب الإسلام بجميع أشكاله, فما مظاهر ذلك؟ ولماذا يخشي البعض من تحكيم الإسلام؟
لقد اختلف الغرب بكل ما فيه على كل ما فيه, فلم يتفق إلا على الحرب على الإسلام فاستخدم الآلة العسكرية لسحق الشعوب المسلمة قديمًا وحديثًا, كما استخدم السياسة كأحد أنواع الحروب على الإسلام فكم من (فيتو) قتل روح الحياة بأرض المسلمين وبلادهم، وكذلك استخدم الغرب الاقتصاد ليحاصر شعوبًا ويخضع أخرى، ومع كل هذه الأنواع من الحروب صمد الإسلام وانتشر الدين الحنيف في ربوع الأرض حتى وصل إلى عقر دار أعدائه..
فبدأ الغرب باستخدام نوع جديد من الحروب لم تعرفه أرض الإسلام من قبل ويتجسد هذا النوع من الحرب في الغزو الفكري الغربي على كل مناحي الحياة في بلاد الإسلام، فانتشرت المدارس والجامعات والنوادي والجمعيات والمؤسسات الغربية في أوطاننا لتنشر الفكر والقيم والعادات الغربية المعادية للإسلام وقيمه, وتتخذ من حضارة الغرب مرجعية تاريخية لنهضة الشعوب والأمم على حساب حضارة الإسلام وتاريخه العريق، واستطاعت هذه الهيئات أن تربي أجيالاً تعرف عن نظريات ومبادئ دارون وفرويد وماركس وجيفارا أكثر مما تعرفه عن قيم ومبادئ الإسلام.
وبدأ الغزو الفكري الغربي يجني ثماره على أرض الإسلام حينما استطاع تكوين طبقة من المثقفين والمفكرين تخشى من الإسلام أكثر من خشيتها من الطغاة والمستبدين، فقد استطاع الغزو الفكري الغربي عن طريق هذه الطبقة من المفكرين أن يقدم نموذج الدولة الثيوقراطية (الدينية) على أنها النموذج المتوقع للدولة الإسلامية التي ينشدها الإسلاميون..
والحقيقة تكشف زيف ادعاء هؤلاء العلمانيين, فالنموذج الحقيقي للدولة الثيوقراطية يتجلي في حكم الكنيسة بأوربا في العصور الوسطي والتي يحكم فيها الكهنة ورجال الدين باسم الإله ولا يستطيع شخص أن يعارضهم لأنهم يدعون أنهم ينفذون إرادة الله على الأرض ولا يجوز لغيرهم أن يحكموا البلاد وقد سيطرت الكنيسة على مقاليد الأمور في العصور الوسطى بأوربا ووقفت حائلاً يمنع شعوب أوربا من التقدم نحو العلم والنهضة باسم الإله فغرقت أوربا في ظلمات الجهل والتخلف بينما كانت نهضة الإسلام تضيء سماء جزيرة العرب فقام الشعب الأوربي بالثورة على الكنيسة ومن هنا نشأت فكرة علمانية الدولة..
ومن المفارقات العجيبة أن تجد هذه الطبقة التي تحذر المجتمع من تسلط الإسلاميين وتشددهم تمارس الدعاية الإقصائية للآخر ولا تقبل بوجوده في الساحة السياسية مستخدمة غطاء مدنية الدولة، وهل مدنية الدولة تعني إقصاء الإسلام عن مناحي الحياة واستبداله بالعلمانية في مجتمع تأسست نهضته الحديثة على أسس ومبادئ الإسلام، ولماذا يفرض أتباع الاتجاه العلماني مبادئهم وأفكارهم على المجتمع كله وكأنهم أوصياء عليه..
ويرسخوا شعار: لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، وكيف لأحد أن يصدق هذا الشعار الذي يتناقض مع ما هو معلوم من الدين بالضرورة فالقرآن به مئات الآيات التي تحدد ملامح سياسات الحكم في الأمة المسلمة مثل: الحدود والمواريث ومبادئ الجهاد ونظم الاقتصاد والتربية والاجتماع وغير ذلك، كما أن دولة الإسلام التي أسسها النبي r عند هجرته من مكة إلى المدينة والتي حافظ عليها أجيال الإسلام المتعاقبة حتى أوائل القرن العشرين هي أكبر دليل على أن السياسة جزء لا ينقطع عن الدين الإسلامي..
ولماذا يخشي البعض من تحكيم الإسلام في الحياة وهو الخيار الذي ارتضاه لنا المولى U ليكون بوابة الخير والسعادة للبشرية كلها بعد فشل كل النظم البشرية في تحقيق السعادة والأمن والرخاء لكل شعوب العالم، فقد مررنا بتجربة الحكم الاشتراكي في عهد عبد الناصر وكذلك الحكم الرأسمالي في عصر السادات, كما قدر لنا أن نعايش نظام الحكم الاشتراكي الرأسمالي في عصر مبارك وها نحن في مؤخرة الأمم على المستوى العلمي والعسكري والاقتصادي والسياسي, فلماذا نحكم على أصحاب الإصلاح من منظور إسلامي بالفشل المسبق؟ ومن المستفيد من هذا الإقصاء؟ ومن الخاسر؟
إن الخاسر الحقيقي في استبعاد الإسلام من الحياة والسياسة هو كل العالم بأسره؛ لأنه سوف يحرم من تطبيق العدالة الاجتماعية وحرية الاعتقاد وكرامة الإنسان والأمن النفسي والسلام الاجتماعي الذي يتصف به المجتمع الذي يحكمه الإسلام، فالتاريخ أثبت أن أفضل منهج للإصلاح والنهضة هو المنهج المرتكز على قيم الإسلام كما أثبت ذلك الواقع الحالي فإذا نظرت للتجربة التركية والماليزية يتبين لك قدرة المنهج الإسلامي على الإصلاح والتغيير للأفضل قال تعالى: {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].
التعليقات
إرسال تعليقك