ملخص المقال
هل يمكن لنا أن نستريح من إزعاج المسابقات والإعلانات الدعائية الخارج عن الحدود؟ فمن الغريب أن عدوى البرامج في الفضائيات قد بدأت تسري وتستشري بشكل كبير
ترى هل أصبح من قبيل المستحيل أن نحلم بشهر رمضان يشبه ما كان عليه في الماضي من الروحانيات الراقية التي تفوح بعبق الإيمان والصدق والترابط والإخاء والمودة والإحسان والطهر والتقوى؟! هل ثمّة فرصة للحلم بليالٍ رمضانية تملأ وقت الناس بالمتنوّع المفيد، كالذي كان يجمع الأسرة حول التلفاز بعد الإفطار مثل أيام الشيخ علي الطنطاوي -يرحمه الله- تأتي بعدها برامج خفيفة ظريفة؟
وهل نحلم ببرامج وتحقيقات تغوص في مجتمعات البلد، وتتحدث عن تراثه في رمضان، وتعيش واقعه اليوم في جدة القديمة مثلاً، وكذلك في قديم الرياض وفي كل مدينة في الوطن الغالي، حتى نربط جيل اليوم بذكريات الماضي والعادات الجميلة والتاريخ العريق بصورة جديدة ومبتكرة وجاذبة؟ وهل يمكن لنا أن نستريح من إزعاج المسابقات والإعلانات الدعائية الخارجة عن الحدود؟! فمن الغريب أن عدوى البرامج في الفضائيات قد بدأت تسري وتستشري بشكل كبير، فالأغلبية ما زالت ترى أهل الفن هم أهل القدوة والصدارة والوجاهة في المجتمع؛ ولذلك فأغلبيتهم يصرون -في رمضان بالذات- على استضافة ما شذَّ وخاب من الفنانين والفنانات أو الراقصات؛ ليقتحموا وقت الناس في تلك الأيام الفضيلة والشهر الكريم.
وحين أطرح هذه الآراء والأمنيات والأحلام فإنّ الأمل يحدوني أن تستجيب القنوات المحسوبة على بلادنا والممولة من رجال أعمال سعوديين؛ فنحن في حاجة لإعادة تثقيف الجيل وإعادة تشكيل الرموز والقدوات في حياته، إما بشخصيات إسلامية عظيمة وشخصيات من الساحة الثقافية من رجالات المجتمع في الدين والأدب والصحافة؛ لتكون الحوارات معهم ثرية ومفيدة. المهم أن نتحرر من رتابة وسماجة القدوة أو الرموز التي تحاول أكثر الفضائيات فرضها على الناس؛ حتى يتعرف الجيل على الرموز الحقيقية والشخصيات التي تستحق أن تسلط عليها الأضواء. وفي الوطن -على اتساع رقعته ومناطقه- الكثيرون من الرعيل الأول الذين يمكن أن نلتقي مع ذويهم أو الموجودين ممن أثروا الساحة، ونقلل من مساحات الفن والفنانين، وتكفي الناس الجرعات في الشهور الأخرى، ولا أعني بكلامي ألاّ تكون هناك مساحات من الترفيه، ولكن على ألاَّ تطغى هذه البرامج على كل المساحات الإعلامية، وأن نتقي الله ونتجنب الإعلانات التي تثير الغرائز.. وما أكثرها في رمضان! فشهر رمضان شهر عبادة وتقرُّب إلى الله، فالأولى هو تقديم البرامج التي تدعو إلى ذلك، مع صورة جاذبة وجديدة، والكف عن تقديم الأغاني الراقصة الماجنة؛ احترامًا لحرمة الشهر، وتأدبًا مع روحانياته التي افتقدناها على شاشاتنا رغم كثرتها وتوالدها الذي لا ينتهي.
دوحة الشعر:
هذي المآثر في رمضان تغمـرنا *** ليخشع القلب من إيمانـه وَجِلا
إن الذنوب تعرّينا وليس لنـا *** سواك نرجوه يكسي عُرينا حُلـلا
التعليقات
إرسال تعليقك